في البداية كان هدفي من هذا المقال أن أسرد النظريات المختلفة التي توصل إليها العلم فيما يتعلق في بزوغ الحياة على كوكب الأرض. مع مرور الوقت وضمن فترة البحث التي عملت بها على جمع المصادر وجدت أنه من الأنسب أن أحول توجه المقال من مجرد سرد نظريات إلى نظرة شاملة أكثر وسرد العوامل الطبيعية الموجودة على كوكب الأرض خصوصاً والفضاء عموماً التي يتوجب وجودها للتشكل الحياة. هذا إن فرضنا أن الحياة هي عملية طبيعية تنتج بشكل تلقائي حال ما توفرت الشروط المناسبة. أود أن أنوه أن هذا المقال لا يفسر كيف بدأت الحياة إذ أننا مازلنا لا تعرف الإجابة على هذه الأحجية العلمية وكل من يدّعي أنه يعرف الإجابة هو يدّعي معرفة شيء دون دليل أو برهان. نحن نستطيع تحديد وتفنيد العوامل اللازمة لتشكل الحياة لكننا لا نعرف كيف بدأت بشكل مثبت. أتمنى اعتبار هذا البحث محاولة متواضعة لتلخيص مجموعة من البحوث العلمية حول موضوع الحياة في المجموعة الشمسية. سأقوم أولاً بالبحث بماهية شروط الحياة ثم سأقوم بإسقاط هذه الشروط على كوكب الأرض ومعاينة نظامها الحيوي وبعدها سأقوم بمقارنة هذه الشروط ضمن عدة محطات محتملة لوجود الحياة في مجموعتنا الشمسية.
تعريف الحياة:
بعض العلماء يعّرف الحياة على أنها أي نظام قادر على التكاثر، غيرهم يعرفها ضمن الأنظمة القادرة على استقلاب الطاقة والتكاثر، والبعض الآخر يعرفها على أنها النظام القادر على استدامة نفسه بنفسه. في هذا المقال سأعتمد على التعريف المعتمد من قِبَل وكالة الفضاء الأمريكية ناسا “NASA”. تعريف ناسا المتعامل به يقول إن الحياة هي “نظام كيميائي مستدام قابل للتطور الداروني”. لنحلل هذا التعريف بشكل سريع: – أولاً: نظام كيميائي يعني أنه نظام مكون من كيمياء عضوية ولا يشمل الأنظمة المصنوعة من دارات الكترونية أو ما شابه. – ثانياً: شرط الاستدامة يتمحور حول استقلاب الطاقة والتكاثر. – ثالثاً: القدرة على التطور من خلال أليات طبيعية.
مقدمة:
في هذا المقال أنا أبحث شروط تكون الحياة على كوكب الأرض. لكن من المهم جداً ألا نحد من مخيلتنا وأن نفترض أن الحياة محدودة في نشاءتها على شكلها الحالي الأرضي. ولكن بحكم أننا على الأرض وأننا أحياء فيتوجب دراسة هذه الظاهرة التي حدثت على أقل مرة واحدة في تاريخ الكون وهي نشوء الحياة على كوكب الأرض ومن خلالها تحليل العوامل التي أدت لهذه الظاهرة. في هذه المرحلة سأقوم بسرد العوامل بشكل منفصل ثم سأقوم بربطها بشكل يفسر تأثيرها الجمعي على كوكب الأرض
كوكب الأرض:
عمر كوكب الأرض حوالي ٤،٥ مليار سنة وهو جزء من نظام شمسي يتشكل من ٧ كواكب Hخرى (مجموع ٨) جميعها يدور حول نجم هيدروجيني من الجيل الثاني. المسافة بين الأرض وبين نجم الشمس هي ١٥٠ مليون كيلومتر مما يسمح بتشكل عناصر كيميائية بأشكلها الثلاثية (سائله وغازيه وصلبه).
تشكل هذا الثالوث من أحوال المادة هو من أهم شروط الحياة وسأتعمق أكثر بهذا الموضوع لاحقاً
المغناطسية والشمس:
البنية الأرضية تتكون من عدة طبقات تشكل الكتلة الكلية للكوكب. نحن نعيش على القشرة و لكن يوجد أسفلنا عدة طبقات أرضية إلى أن نصل إلى النواة. نواة الأرض تتشكل من طبقتين، طبقة سائلة معدنية وطبقة معدنية صلبة. وجود الحديد والنيكل في نواة الكرة الأرضية له تأثير مهم جداً وهو تشكيل غلاف مغناطيسي حول كوكب الأرض. يمتد الغلاف المغناطيسي حوالي ٦٥ ألف كيلومتر عن سطح الأرض. أي أن الأرض محاطة بقبة مغناطيسيه عمقها ٦٥ ألف كيلومتر من سطح الأرض إلى الفضاء. هذا الغلاف مهم جداً للحياة على الأرض لأن الحقل المغناطيسي يعمل على تماسك الغلاف الجوي مما يشكل نظام بيئي مغلق ضمن الكوكب. أيضاً من فوائد الغلاف المغناطيسي أنه يحمي الكوكب من الإشعاعات الشمسية المضرة بالحياة والتي تسبب في تفكك الكثير من العناصر العضوية المهمة للحياة لو أنها وصلت للأرض. الرياح الشمسية التي تصلنا من الشمس هي عبارات عن جزيئات مشحونة إيجابيا وساخنة جداً تنطلق باتجاه الأرض على شكل بلازما ومع اقترابها من الأرض تلتف حول غلاف الأرض المغناطيسي فتبدو بألوان جميلة نسميها أضواء الشفق. يمكن رصد الشفق القطبي في المناطق القريبة من قطبي الكرة الأرضية.
في المرة القادمة ترصد فيها الشفق القطبي بألوانه الجميلة تذكر أنه يمثل ظاهرة طبيعية مهمة جداً في تطور الحياة وبقائها على الكرة الأرضية.
ملاحظة: العديد من الأشخاص يخلط بين الغلاف المغناطيسي وقوة الجاذبية الأرضية.
الغلاف المغناطيسي هو تأثير يتعلق بالكهرومغناطيسية والجاذبية تتعلق بالكتلة وتأثيرها على الزمكان. أيضاً يوجد فرق بين الغلاف المغناطيسي والغلاف الجوي إذ أن الغلاف الجوي يمثل الغطاء المؤلف من العناصر الغازية الأرضية وهو المسؤول عن بقاء الكرة الأرضية ضمن نظام بيئي مغلق. الغلاف المغناطيسي هو ما يجعل الغلاف الجوي يتماسك ويبقى حول الأرض.
الجاذبية المناسبة:
الجاذبية الأرضية مناسبة بشكل يتيح تشكل الحياة وتطورها بأشكال لا تنهار على نفسها. مثلاً لو أن الحياة وجدت على كوكب ذو جاذبية أقوى من الجاذبية الأرضية بعدة مرات لما تطورت الحياة بشكل أجسام لها نتوءات مثل الأطراف أو الأجنحة. إذاً حجم الكوكب ونوع كتلته مهم جداً بسبب تأثير الجاذبية على العناصر الموجودة على الكوكب. وهذا طبعاً له تأثير مباشر على تشكل الحياة وتنوعها. الجاذبية على كوكب المشتري تعادل مرتين ونصف الجاذبية الأرضية. هذا يعني أن الحياة الأرضية في هيئتها الحالية المبنية على معطيات الجاذبية الأرضية لن تكون مناسبة على المشتري حتى لو كانت جميع ظروف الحياة متوفرة. قوة العظام والعضلات لن تكون كافية على تحمل الفرق في الجاذبية. إذاً قوة تأثير الجاذبية له دور هام في هيئة ونوعية تطور الحياة.
ملاحظة أنا لا أقول أن الحياة مستحيلة على كوكب ذو تأثير جاذبية عالية و إنما ستكون مختلفة كثيراً عن ما نعرفه عن الحياة اليوم. مثلاً، العلماء يصنفون الكواكب ضمن تأثير القوة الجاذبية المقبولة نظرياً على ألا تتجاوز ١٣مرة جاذبية كوكب المشتري لان هذه النوع من القوة الجاذبية سيسبب بانصهار الهيدروجين إلى هيدروجين ثقيل ويحول الكوكب إلى نجم قزم Brown Dwarf.
إذاً البحث يكون عن كواكب تكون جاذبيتها لا تتجاوز هذا الحد الأقصى من الجاذبية (٣٣ مرة من جاذبية الأرض).
الصفائح التكتونية الأرضية:
في فقرة سابقة ذكرت أن الأرض تتكون من طبقات أرضية. الطبقة العليا من الأرض هي “القشرة” وهي ليست قطعة واحدة وإنما تتشكل من صفائح كبيرة (8 صفائح كبيرة والعديد من الصفائح الصغيرة). اكتشف هذه الظاهرة العالم الألماني ألفريد فيجنر عندما طرح نظرية الانجراف القاري في سنة ١٩١٢. هذه التحركات ضمن الغلاف القشري الصخري تتسبب في خلق ظروف مختلفة وتلاقح بين العناصر والمواد و خلطها بأشكال مختلفة و عوامل هامة لتشكل الحياة. سأقوم بالتعمق أكثر في هذا المحور أكثر ضمن محور نظريات نشوء الحياة على كوكب الأرض. الكثير من الناس يعتقد أن أشعة الشمس هي المصدر الوحيد للطاقة على كوكب الأرض ولكن في الواقع العديد من الكائنات الحية التي تعيش في قاع المحيطات لا تحصل على أشعة الشمس اطلاقاً و إنما تستمد طاقتها من الفوهات البركانية الموجودة في القاع. إذا الحرارة الكامنة في طبقات الأرض تشكل مصدر مهم للطاقة بالإضافة إلى أشعة الشمس.
الاستقرار الشمسي:
وجود نجم مستقر نسبياً لمدة طويلة من الزمن يسمح للعوامل الطبيعية المتشكلة على التطور بشكل مستقر ومنتظم. لا شك أن الحياة بدأت بشكل سريع على سطح الأرض فقد بدأت تقريباً بعد ٥٠٠ مليون سنة من تشكل الكوكب واستمرت حتى يومنا هذا و لكن بسبب استقرار نجم الشمس استطاعت هذه الحياة من التطور خلال ٤ مليار سنة دون التأثر بكوارث طبيعية كونية. لو كانت الشمس من النجوم التي تنفجر بسرعة أكبر أو أنها أكبر حجماً أو انصهارتها هيلومية عوضاً عن هيدروجينية أو أنها أقل استقرار بشكل عام لما استطاعت الأرض على الحفاظ على غلافها الكهرومغناطيسي ولما استطاعت الأرض على تشكيل غلاف جوي يعمل على عزل الأرض عن الفضاء الخارجي.
النطاق الصالح للسكن:
كوكب الأرض يبعد عن الشمس مسافة ١٥٠ مليون كيلومتر (هذه المسافة تسمى وحدة شمسية). ضمن أي نظام شمسي وبناء على نوع النجم يوجد مسافة تسمى النطاق الصالح للسكن والتي تحدد المسافة المقبولة لتشكل العناصر ضمن الأشكال الثلاثة (سائل، غاز، صلب). وجود كوكب الأرض ضمن هذه المسافة المناسبة لتشكل الماء هو من الأسباب الأساسية في تشكل الحياة وذلك لأهمية الماء في تشكل الحياة كما نعرفها. الوحدة الشمسية هي مسافة مناسبة بالنسبة لنجم الشمس وكوكب الأرض لكنها ليست مقياس عام إذ أن حجم النجم ونوعه وعمره و نوع الكوكب و تركيبته الكيمائية تؤثر بتقدير مسافة النطاق الصالح للسكن. اليوم و بعد ٤ مليار سنة أصبحت الأرض عند حدود النطاق و بدأت تخرج خارجه باتجاه الشمس. يقدّر الباحثون أن الأرض ستكون خارج النطاق كلياً بعد ١،٧ مليار سنة تقريباً.
المشتري:
كوكب المشتري مهم جداً لتشكل الحياة على الكرة الأرضية إذا أنه يمثل حارس المجموعة الشمسية من المذنبات والأجسام الكبيرة عبر قوة جاذبيته. كوكب المشتري يشكل مصد للمذنبات والأجسام الأخرى التي قد تقترب من كوكب الأرض. إذاً وجود كوكب ذو جاذبية قوية ضمن النطاق الخارجي للمجموعة الشمسية يعمل على حماية الكواكب ضمن النطاق الداخلي ويساهم في استقرار تطور أنظمتها البيئية دون التعرض لكوارث جيولوجية. يجدر الذكر أن مذنب ضرب كوكب الأرض قبل ٦٥ مليون سنة وسبب انقراضات شاملة للأحياء ومن أهم هذه الإنقراضات كانت الديناصورات. انقراض الديناصورات كان من الأسباب المهمة في تطور الثدييات وثم القرود العظيمة حتى الوصول إلى الإنسان.
القمر:
يبعد القمر عن الأرض اليوم مسافة٣٨٤,٤٠٠ كيلومتر. لكن القمر يتباعد عن الأرض بمسافة ٣،٨ سم كل سنة. هذا يعني أننا إذا عدنا إلى فترة نشوء الحياة على الأرض (٤ مليار سنة تقريباً) واعتبرنا أن نسبة التباعد بين الأرض والقمر هي نفسها فهذا يعني أن القمر كان أقرب بكثير مما هو عليه اليوم وهذا يعني أن تأثير الجاذبية القمرية كان أكبر بكثير على الأرض. هذه النقطة مهمة جداً في بحث تشكل الحياة لأن القمر يشكل مصدر طاقة هام بسبب قوة جاذبيته. تخيل معي الماء كيف أن ماء المحيطات يتحرك بشكل مستمر بسبب جاذبية القمر مما يساهم في خلط المواد العضوية الكربونية مع بعضها.
تعاقب الليل والنهار:
تعاقب الليل والنهار على الكرة الأرضية يعني أن الحرارة ليست باردة أو حارة لفترات طويلة. مثلاً النهار على كوكب الزهراء يستغرق ١١٦ يوم من أيام الأرض. كما ذكرت سابقاً عن أهمية الطاقة لنشوء الحياة، أضيف أن أي عامل متغير هو عامل ايجابي وخصيصاً إذا كان التغير منتظم لفترات طويلة تسمح بتشكل أنظمة طفيلية على هذه الطاقة. الليل والنهار هما نتيجة ظاهرة فلكية بدوران الكوكب حول نفسه، إذاً هما نتيجة طاقة مصروفة بشكل حركة الكوكب. التفاوت في درجات الحرارة بين الليل والنهار يمنع العناصر من اتخاذ شكل معين لفترات طويلة. لو كانت مدة النهار على الأرض شبيهة بكوكب الزهراء لتبخرت مياه الكوكب خلال فترة قصيرة من الزمن ولو كان الليل طويل كما الزهراء لتجمدت المياه. لهذا وجود تعاقب لليل والنهار مهم للحصول على المادة بأنواعها الثلاث (صلب، سائل، وغاز) ومنها الحصول على أنظمة بيئية منوعة على الكوكب.
شروط الحياة:
العناصر:
عند التعمق بخصائص الذرة وأليات ارتباطها فيما بينها نستطيع فهم القوانين الأساسية المسؤولة عن تشكل العناصر الكيميائية. الذرات تترابط فيما بينها لتشكل العناصر الكيميائية فمثلاً ذرتين من الهيدروجين تترابطا مع ذرة أوكسيجين واحدة فينتج لدينا عنصر الماء. ذرة كربون مع ذرتي أوكسيجين ينتج لدينا ثاني أكسيد الكربون. ذرة سيليكون مع ذرتي أوكسجين ينتج عنهما الزجاج. كل مادة لها خصائص مختلفة بكيفية ترابطها مع المواد الأخرى و هذه الخصائص ترتبط بعدد الإلكترونات المحيطة بنواة الذرة. دون الدخول في هذه التفاصيل لكن المهم ذكره أن الكربون يعتبر من أهم العناصر في تركيب العناصر الكيميائية. “رغبة” الكربون في الحصول على أربعة إلكترونات إضافية يعني أن الكربون يستطيع الترابط مع أربع ذرات أخرى في نفس الوقت. هذا يجعل الكربون بمثابة العامود الفقري لبناء العناصر الكيميائية العضوية والغير عضوية. جميع الكائنات الحيّة تعتمد على الكربون في بنيتها الأساسية بسبب خاصيته بربط العناصر مع بعضها البعض.
إذاً وجود الكربون ضمن البيئة هو شرط أساسي في بناء مُركبّات عضوية قادرة على استقلاب الطاقة ونسخ نفسها. لهذا نجد أن العلماء والباحثين عن الحياة في الفضاء يهتمون جداً بوجود الكربون ضمن النظام البيئي مما يعنيه من تنوع في العناصر الكيميائية في ذاك النظام.
الطاقة:
الطاقة هي عامل مؤثر خارجي على نظام معزول داخلي. البراد عليه أن يبدد طاقة حرارية لكي ينتج برودة داخلية في الصندوق. الشمس عليها أن تحرق الهيدروجين لكي تبعث بفوتوناتها نحو الأرض وتدفئها. كتلة القمر عليها أن تؤثر بالزمكان الواقع بين القمر والارض لتتسبب بتحريك مياه المحيطات على شكل المد والجذر والأمواج. لكي يحدث أي شيء يتوجب وجود حركة والحركة تتمثل بأنواع الطاقة. إذاً الشرط الأول لتشكل الحياة وجود مصادر طاقة قادر على اصدار حركة ضمن البيئة. أمثلة للطاقة على كوكب الأرض: حرارة الشمس، جاذبية الشمس، جاذبية القمر والحرارة الكامنة ضمن الطبقات الأرضية والتحركات الجيولوجية وتأثيراتها من براكين وزلازل وأنهار وحرت وتعريه مائية
إذاً أذا أردنا تقييم الظروف الملائمة لتشكل الحياة فيوجد لدينا ظروف كونية تتعلق بمكان الكوكب وموقعه الفلكي وظروف محلية تتعلق بوجود أنظمه فيها مواد عضوية كربونية ومصادر طاقة قادرة على التأثير وخلط هذه المواد العضوية بشكل مستمر. الأن نصل إلى أخر فقرة من هذا المحور وهي الاستقرار في النظام والذي يسمح لهذه التفاعلات على التطور التراكمي دون التعرض لحالات فناء كلي. على فرض أن النيازك والأجسام الفضائية ترتطم على الأرض بشكل مستمر لما كانت بيئة الأرض مستقرة لتطور العناصر الكيميائية إلى أنظمة حيوية. كما ذكرت سابقاً، وجود كوكب عملاق غازي مثل كوكب المشتري في المجموعة الشمسية يحول دون وصول أجسام كبيرة نحو الأرض والارتطام بها. أيضاً، حالة الشمس المستقرة نسبياً سمحت لطبخة الحياة بالنضوج على نار هادئة. إذاً في حال كنا نقيم قابلية كوكب جديد على استضافة الحياة يتوجب علينا تقييم الاستقرار العام حول الكوكب ومدة هذا الاستقرار إن كانت تقدر بملايين السنين لكي تتطور الحياة.
فرضيات نشوء الحياة:
بعد صرف وقت طويل في القراءة والبحث في هذه الفرضيات أود أن أنوه إلى فكرة مهمة قبل الدخول في التفاصيل وهي أنه لا يوجد فرضية علمية واحدة قادرة على تفسير نشأت الحياة. في كل نظرية يوجد نقاط غامضة لا يمكن للنظرية الإجابة عليها أو تناقضات علمية مع دلائل من نظريات أخرى، ولكن إذا ربطنا جميع هذه النظريات ووضعناها ضمن نظرية شاملة ربما نكون قد اقتربنا للوصول لبعض الإجابات ولكن الطريق مازال طويل. أرجو الفصل بين دراسة مسببات وآليات نشوء الحياة ودراسة شروط ووجود الحياة. مجرد تفنيد الشروط المسؤولة عن نشأت الحياة نصبح قادرين على البحث عن الحياة في الفضاء بشكل فعال حتى وإن لم نكن نفهم كيف بدأت هذه الحياة. من أكبر المشكلات التي نعاني بها حين نحاول حل لغز الحياة هي أن حدث النشوء حصل منذ زمن بعيد جداً حوالي ٤ مليار سنة. لهذا لا يوجد لدينا فكرة واضحة نوصف فيها الوضع البيئي للكرة الأرضية في تلك الفترة. التركيبة الكيميائية للغلاف الجوي كانت تختلف عن التركيبة الحالية (الأن نيتروجين وأوكسيجين) ومسافة القمر كانت مختلفة (تأثير الجاذبي أكبر بكثير) وحرارة الشمس كانت مختلفة (أبرد).
إذاً نحن نعمل على بناء قالب افتراضي ونعمل من خلال القالب على اكتشاف المؤثرات التي قد تؤدي إلى تحول المواد الكيميائية العضوية إلى أنظمة بروتينية قادرة على نسخ نفسها واستقلاب الطاقة. سنبحث في في بعض الفرضيات عن نشوء الحياة بشكل مختصر، أنا شخصياً لا أعتقد أن الجواب موجود ضمن أي من هذه الفرضيات وأعتقد أن الإجابة تكمن بفرضية مركبة من جميع هذه الفرضيات وبعض الأسرار التي لم نكتشفها بعد. لهذا لن أصرف وقت طويل في توصيف أو الدفاع عن هذه الفرضيات.
أو الخلطة البسيطة الأولى: Primordial soup في عام ١٩٢٤ قام العالم أليكساندر أوفرين بوضع هذه الفرضية والتي تقول أن الحياة بدأت بسبب تفاعل بعض العناصر الكيميائية الموجودة على سطح البحيرات و المحيطات من خلال تعرضها لصعقات كهربائية بسبب الرعد. تفاعل هذه العناصر الكيميائية مع الصعقات الكهربائية الرعدية هو ما أنتج الأحماض الأمينية والتي تعتبر اللبنة الأساسية في تشكيل الأحماض النووية والتي تجسد الأجسام البروتينية فيما بعد. هذه الفرضية لم تلاقي قبول بين العلماء في البداية. في عام ١٩٥٣ قام العالمين ميلير ـ يوري بتجربة علمية شهيرة في جامعة شيكاغو حيث قاما بتحضير بيئة افتراضية تحاكي البيئة على كوكب الأرض قبل ٤ مليار سنة. تم استخدام عناصر الهيدروجين والميتان والأمونيا في وعاء مائي و ثم تم تعريض الوعاء لصعقات كهربائية تماشي الصعقات الرعدية. كانت نتيجة التجربة ظهور عناصر جديدة عضوية تماماً مثل ما افترض العالم أليكسانر أوفرين. ظهور مواد عضوية بهذا الشكل هو دليل على أن المواد العضوية والأحماض الأمينية المشكلة للبروتين قابلة للنشوء ضمن شروط طبيعية معينة.
بعض المشاكل في اعتماد التجربة:
العناصر الكيميائية التي تم استخدامها أثناء التجربة كانت مكثفة أكثر بكثير من تواجدها في الطبيعة. وكمية الصعقات الكهربائية المستمرة أثناء التجربة لا تمثل الصعقات الرعدية المتواترة في الطبيعة إذ أنها ليست بكثافة مستمرة كما حدث في التجربة.
سطح الماء هو مكان معرض لتغيرات مناخية شديدة وعنيفة وهذا يشكل مشكلة تركيبية لا يمكن التغاضي عنها. إذاً تبقى الفرضية ضمن سياق التوصيف العلمي لإمكانيه تشكل أحماض أمينية بطرق طبيعية لكنها قد تكون لأسباب مختلفة عن فرضية الرعد الأصلية. يجدر الذكر أن الفضاء الخارجي أيضاً مليء بالأحماض الأمينية والتي تأتينا عن طريق الشهب.
فرضية الطين:
هذه الفرضية مبنية على اساس ايجاد طريقة علمية تفسر أليات تستطيع من خلالها العناصر نسخ نفسها والتكاثر بطرق طبيعية. طبعاً نحن لا نتكلم عن عناصر حية وإنما عناصر عضوية شبيهة بالتي وجدنها خلال تجربة ملير ـ يوري. الفرضية مبنية crystallization على أساس بسيط و هو أن للطين خصائص كيميائية تجعله حاضنة طبيعية للعناصر العضوية. العناصر العضوية المتواجدة ضمن الطين تصبح جزء أساسياً منه وتحدد أليات تشكله كريستالاته مستقبلاً.
هذا يعني أنه أصبح لدينا عناصر عضوية محتضنة داخل كريستالات من الطين. وبما أن خصائص المواد العضوية أصبحت مؤثرة في تشكيل الطين فإننا الأن بصدد توصيف مواد عضوية محتضنة ضمن الطين قابلة على استنساخ نفسها. هذه العملية شبيهة بنظرية دارون للانتقاء الطبيعي إذ أن الكريستالات ذو الأشكال الأسهل للنسخ تستمر والأصعب تندثر.
فوهات البراكين:
هذه الفرضية مبنية على أساس وجود الأحماض الأمينية مسبقاً وكيف أن هذه الأحماض ممكن أن تندمج فيما بينها بسبب الضغط الهائل والذي يقدر بألاف المرات عن الضغط الجوي الموجود على السطح ووجود كميات كبيرة من الكبريتيد (كربون + كبريت) في القاع. تحلل الكبريتيد في الماء مع وجود الأحماض الأمينية يؤدي الاختلاط فيما بينها لتشكل مركبات عضوية أكثر تعقيد. نحن فسرنا نوعاً ما كيف ممكن للأحماض الأمينية أن تتشكل بطرق طبيعية وكيف ممكن لها أن تنسخ نفسها عن طريق أليات الكريستالات الطينية. فرضية فوهات البراكين هي الأكثر منطقية إذ أنها الأكثر استقراراً بعيداً عن ارتطام الشهب والتغيرات المناخية القاسية في تلك الفترة.
فرضية البراكين تقدم جميع العناصر اللازمة من طاقة وخلط للعناصر العضوية والاستقرار النسبي لكي يتشكل شيء ما من هذه التفاعلات.
ملخص الفرضيات:
أنا شخصياً لا أدعي أن لدينا اجابة علمية وافية ترتقي لمستوى السؤال المطروح، لكن تصوري هو أن الحياة بدأت بسبب تفاعلات معينة في الخلطة الأولى المؤلفة من مواد عضوية و ثم تفاعلت هذه المواد العضوية لتشكل ألية حاضنة قادرة على استنساخ نفسها. لأجل الموضوعية في التوصيف لهذه الفرضيات يتوجب الذكر أنه يوجد العديد من المشاكل العلمية التي لم أطرحها ضمن البحث. مثلاً على المواد العضوية أن تكون صديقة للماء وعدوة للماء في آن واحد حيث أن عليها استخدام الماء في داخلها ولكن عدم الانحلال في الماء من خارجها. الباحثون عادة يستطيعون تفنيد كل مشكلة من هذه المشاكل على حدى لكننا لا نزال لا نرتقي في توصيف نشأت الحياة كفرضية علمية موحدة.
الحياة في المجموعة الشمسية:
الأن وقد أصبح بجعبتنا بعض الأدوات لتقييم العوالم الأخرى لنذهب و نفحص بعض المحطات التي قد تكون مناسبة لاستضافة الحياة.
إنسيلادوس، قمر زحل:
تم اكتشاف قمر انسيلاوديس في عام ١٧٨٩ من قبل وليام هيرشل والذي له العديد من الاكتشافات الفليكة الآخرى. انسيلادوس هو القمر الرابع عشر من أقمار زحل ويوجد على سطحه طبقة جلدية. بوجد الماء بالقرب من قطبه الجنوبي حيث تم رصد نوافير ضخمه من بخار الماء تتصاعد باتجاه غلافه الجوي حيث تشكل غيوم وتسقط من جديد نحو السطح على شكل ثلوج. تمت زيارات عديدة قريبة من هذا القمر أهمها رحلة كاسيني في ٢٠٠٨ حيث حلق المسبار على ارتفاع منخفض من السطح واستطاع رصد بخار الماء والكثير من المواد العضوية الكربونية.
المسافة بين قمر إنسيلايدوس وبين كوكبه زحل هي٢٣٨٠٠٠ كلم يعني أقل بقليل من المسافة التي تفصل بين الكرة الأرضية والقمر. تأثير الجاذبية بين زحل وقمره قوي لدرجة أنه أثناء المدار حول الكوكب تتأثر قشرة القمر إنسيلاوديس وتتشكل انشقاقات في الجليد. نوعاً ما مثل المد والجذر على الكرة الأرضية ولكن بتأثير أقوى بكثير مما يؤدي إلى انبثاق المياه من تحت القشرة إلى السماء على شكل نوافير من الماء. يعتقد العلماء أن الاحتكاك الناتج عن المد والجذر الزحلي ينتج حرارة كافية للإبقاء ذرات الماء على شكلها السائل وبسبب برودة الحرارة الخارجية يتحول هذا لماء إلى ثلج ليعود ويهطل على السطح.
إذاً لدينا عالم فيه مصدر للطاقة بسبب تأثير الجاذبية القوية لكوكب زحل (أكبر من كتلة الأرض بعشرة أضعاف تقريباً (٩،٥)) ضمن مسافة أقل من المسافة بين الكرة الأرضية والقمر.
الطاقة الناتجة تأثير الجاذبية تعمل على توليد دورة بيئية للماء بحيث تحول الماء إلى أشكاله الثلاث (سائل وجامد وغاز). أيضاً لدينا مواد عضوية كربونية ضمن الغلاف الجوي مما يعني وجودها على السطح.
تايتن قمر زحل:
تايتين أيضاً ضمن نظام كوكب زحل وهو أكبر أقماره حجماً. يختلف في تركيبته عن إنسيلايدوس إذ أنه لا يحتوي على الماء وإنما على الميثان بشكله السائل. هو ليس مكان مثالي لحياة كالحياة الموجودة على كوكب الأرض لكن الشروط المتوفرة في بيئته تجعله من المحطات المهمة في رحلة البحث عن الحياة ولكن حياة من نوع آخر. أيضاً يوجد على تايتن طاقة ناتجة عن تفاعل الجاذبية بينه وبين كوكب زحل ويعتبر وجود الميثان بكثافة على سطحه من أهم العوامل التي قد تساهم في تشكل الحياة إذ أن الحياة على الأرض ماكنت لتشكلت لولا وجود الميثان بكثافة ضمن البيئة الأرضية السابقة.
المريخ:
المريخ هو أكثر الكواكب دراسة ضمن جميع كواكب المجموعة الشمسية (بعد كوكب الأرض) ونحن شبه متأكدين من عدم وجود الحياة على سطحه اليوم لكن يوجد احتمال كبير بأن الحياة كانت موجودة في السابق بسبب وجود كميات كبيرة من الكربون وبسبب الدلائل الأحفورية التي تدل على وجود الماء في السابق. فهم تاريخ كوكب المريخ سيساعدنا في فهم أليات تشكل الحياة بشكل كبير. الدراسات تشير إلى أن الماء تبخر من على سطح المريخ بسبب ارتفاع درجات الحرارة على الكوكب وأيضاً بسبب تبدد الغلاف الجوي المريخي. تعمل ناسا إلى ارسال رحلة مأهولة في العقد القادم و يوجد مشروع استيطان من قبل بعض الشركات الخاصة.
يوروبا قمر المشتري:
في رأيي الكثير من الباحثين أن هذا القمر التابع لكوكب المشتري من أهم المحطات في المجموعة الشمسية بالنسبة لاستضافة الحياة. أكتشف هذا القمر العالم غاليليو غاليلي في عام ١٦١٠ وحجمه أصغر بقليل من قمرنا. لكنه يختلف كثيراً عنه إذ أن لديه لب معدني مما يعني وجود غلاف مغناطيسي تابع له يحميه من الإشعاعات الشمسية ويوجد فيه طبقات أرضية متحركة مما يعني أنه شبيه بالكرة الأرضية من حيث الصفائح التكتونية وتشكل القارات وتحركها.
على الرغم من أن قشرته الخارجية تتألف من الجليد إلا أن وكالة الفضاء الأمريكية استطاعت تأكيد وجود محيطات من الماء تحت سطحه. المسافة القريبة بين يروبا من كوكب المشتري تعني تأثره بقوة جاذبية هائلة حيث يوجد حالة مستمرة من الضغط و الرخي على طبقات أيوروبا بسبب جاذبية المشتري مما يولد طاقة حرارية تساهم في ابقاء الماء في حالته السائلة. غلاف ايوروبا الجوي يتكون بمجمله من الأوكسيجين وأيضاً نستطيع رصد نوافير من الماء تنطلق من سطحه نحو الفضاء إلى ارتقاع يقدر ب٢٠ ضعف ارتفاع قمة ايفاريست. وكالة الفضاء ناسا تعمل على بناء مسبار يستطيع الغوص في أعماق المحيطات على يوروبا والتي يقدر عمقها ب١٠٠ كيلومتر تقريباً. من أكبر المشاكل التقنية التي تمنعنا اليوم من الوصول إلى أيوروبا هي الإشعاعات الناتجة عن المشتري والتي ستدمر أي معدات الكترونية في حال اقتربنا بما فيه الكفاية لدراسة هذا القمر. إذاً ايوروبا هو عالم شبيه جداً بالكرة الأرضية قبل بضعة مليارات السنين وأعتقد أن الإنسان في القرن ال٢١ سيزور هذا لقمر لما له من أهمية في قصة البحث عن الحياة.
الملخص والمغزى:
نحن ننظر حولنا ونرى الأشجار والطيور والحشرات ونعلم أننا جميعاً نشترك بشيء واحد وهو أننا كائنات حيه. نحن اليوم نطرح الاسئلة ولدينا الفضول أن نتعلم عن جذورنا لأن هذه العملية التي بدأت منذ 4 مليار سنة، أبت أن تتوقف وواظبت على التكاثر رغم الكوارث ورغم العصور الجليدية التي تعاقبت على هذا الكوكب. موضوع جذور الحياة ومن أين بدأت هو من أهم الأسئلة التي توجهنا ككائنات واعيه في هذا الكون. لا أريد أن يُفهم هذا المقال وكأني أجرد الحياة من معانيها أو أني أبسط سحرها لمستوى تفاعلات كيميائية.
نعم الحياة هي حالة بسيطة المضمون ومتناهية التعقيد في النتائج. لولا الحياة لما وجدت كائنات واعية مدركة قادرة على استنباط هذا الكون وإدراكه. نحن الكون يجسد ادراكه ولكن إن البحث عن جذور الحياة هو بحث علمي بحت، اجابته ستكون نتيجة بحوث وتجارب علمية في جامعات العلم ومختبرات البحوث. اقحام قوة خارجية للإجابة على أي شيء هو هروب من الإجابة والاستسلام بعدم المعرفة وقبول الجهل بالأمور. الاعتراف أننا لا نعرف كيف بدأت الحياة هي الخطوة الأولى في رحلة البحث. والادعاء والوهم بمعرفة الشيء هي رصاصة في صلب البحث. كيف نبحث عما لا نعلم أنه ضائع؟
عبر السنين أثبت لنا العلم أننا في كون يعمل ضمن قوانين موضوعية مادية بعيدة عن السحر والمعجزات. لهذا أنا لم أطلب من القارئ ولا لحظة واحدة أن يقبل مني أي معلومة مفترضة بقفزات سحرية أو معجزات لا منطقية. في هذا السياق أطلب من القارئ أن يقيم البحث بطريقة علمية ناقدة.
لماذا البحث؟
يقدّر عدد المجرات التي نستطيع رصدها من كوكب الأرض ب١٠٠ مليار مجرة على الأقل. يقدّر عدد النجوم في مجرتنا مجرة درب التبانة ب ٣٠٠ مليار نجم.
لنفترض أن حدث نشوء الحياة حدث مرة واحدة فقط لكل مجرة ولدينا ١٠٠ مليار مجرة فهذا يعني أن نسبة نشوء الحياة هي ١٠٠ مليار مرة.
هذا يعني أننا وضمن أكثر الحسابات تحفظاً نتكلم عن كون مليء بالحياة.
نحن نبحث عن حالات كونية شبيهة بمجموعتنا الشمسية والتي تقتضي وجود نظام شمسي فيه كوكب يقع مداره ضمن منطقة “النطاق الصالح السكن” هذه المنطقة هي المسافة اللازمة بين الكوكب والشمس ليتشكل الماء بصيغته السائلة. أيضاً نبحث عن نجوم عمرها مليون سنة على الأقل لإعطاء مدة كافية من الزمن لتشكل الحياة. طبعاً عند العثور على كوكب يتضمن جميع هذه الشروط ننتقل إلى مرحلة تانية من الشروط لتحديد نوعية الغلاف الجوي (عن طريق رصد كتلة الكوكب ووجود غلاف مغناطيسي يحمي الكوكب من الإشعاعات الشمسية الضارة). تبقى المشكلة الأساسية في العثور على الحياة هي مساحة الفضاء الشاسعة ومحدوديتنا العلمية في التنقل عبر هذه المسافات. الجميل في الموضوع أننا قد نكون الجيل الأول في تاريخ الوجود الذي يعثر على حياة في كوكب آخر غير الكرة الأرضية إذ أن ناسا تتوقع العثور على شكل من أشكال الحياة خلال الثلاثين عام القادمين. أتمتى أن تكونوا استفدتم وتمتعتم بالقراءة.
Kepler and K2, NASA website:
http://www.nasa.gov/mission_pages/kepler/main/index.html
http://www.space.com/15152-jupiter-moon-europa-life.html
Tony Phillips, NASA news, October, 7, 2003: The Goldilocks Zone
http://www.nasa.gov/vision/earth/livingthings/microbes_goldilocks.html
Brian Dunbar, NASA, July 30, 2015: Finding Life Beyond Earth is Within Reach
http://www.nasa.gov/content/finding-life-beyond-earth-is-within-reach/#.VFcD-fnF8rU
http://www.livescience.com/13363-7-theories-origin-life.html
Jessica Culler, NASA, Dec. 29, 2015: NASA’s Kepler Discovers First Earth-Size Planet In The ‘Habitable Zone’ of Another Star
http://www.nasa.gov/ames/kepler/nasas-kepler-discovers-first-earth-size-planet-in-the-habitable-zone-of-another-star/#.VFcIbPnF8rU
http://www.space.com/15015-saturn-gravity-enceladus-moon-jets.html
merci pour cet effort