علم نفس تطوري

Incest – بحث في نكاح الأقارب

لماذا الإنسان لا يمارس الجنس مع أمه أو أخته وهل الرادع ديني أم أنه يوجد مانع حيوي يمنعنا من ممارسة الجنس مع أقاربنا؟ الخبر الجيد أننا لا ننكح أمهاتنا ليس خوف من كاميرة المراقبة القابعة في السماء وإنما يوجد سبب تطوري أدى إلى هذا المنع. قبل الدخول في تفاصيل الموضوع أود أن أشرح أولاً عن بعض المفاهيم التي ستساعدنا على فهم الأليات المرتبطة باعتبار الأقارب غير مثيرين جنسياً.

التعلم الغريزي:

صغار الدجاج يتعلمون المشي خلف أمهم عن طريق اللحاق بأي شيء يتحرك ضمن الساعات الأولى من ولادتهم فإن لم تكن الأم متواجدة أثناء فقص البيض ولم يتعلم الأطفال اللحاق بها خلال الساعات الثمانية عشر الأولى من حياتهم فهذا يعني أنهم لن يتعلموا اللحاق بأمهم لأن نافذة تعلم هذه السلسة الغريزية تغلق بعد ١٨ ساعة من الولادة (1)

صغار العصافير يتعلمون الزقزقة من أباءهم مباشرة بعد الولادة وإن لم يتم تعليمهم كيف يزقزقون فهم لن يستطيعوا الزقزقة مثل بقية أنواعهم من العصافير.

الأنسان يفقد القدرة على تعلم اللغة إن لم يتعلمها في السنين الثمانية الأولى من حياته.

يوجد نوافذ زمنية محددة لاكتساب الغرائز والتصرفات التي تبدو لنا أنها غريزية وبالتالي فإن الكثير من تصرفاتنا الغريزية لها جذور جينية لكنها مكتسبة ونتعلمها ضمن نوافذ زمنية محددة. الدماغ عبارة عن مجموعة كبيرة من الأعضاء العصبية التي تنمو وتتطور بناء على تجربة الكائن وهذه الفكرة مهمة جداً في فهم الالية التي تمنعنا من الانجذاب لأقربائنا وعدم رغبتنا في ممارسة الجنس معهم.

زواج الأقارب من الناحية العلمية:

بداية أود أفسر الفائدة من العملية الجنسية من الناحية التطورية. أنا أعمل على مقال مفصل حول تطور الجنس لكن هنا أود فقط أن اذكر أن الفائدة من التكاثر الناتج عن الجنس هي خلط الجينات بين كائنين مختلفين جينياً وهذا لفوائد تطورية سأتطرق لها في مقال تطور الجنس.

الفكرة هنا أن اختلاط الجينيات محبذ تطورياً وعندما أقول محبذ هذا يعني أن الكائنات التي لا تقوم بخلط جيناتها بما يكفي قد تتعرض لضغوط تطورية تؤدي إلى موتها وبالتالي نجد أن الكائنات المتواجدة اليوم هي تلك التي تقوم بخلط جيناتها بعيداً عن اقربائها قدر المستطاع. تخيل الجينات عبارة عن خيارات ممكن أن تساعد في بقاء الكائن فكلما زادت هذه الخيرات كلما زادت الفرص البقائية. يجدر الذكر أن الجنس ليس الطريقة الوحيدة للتكاثر عند الأحياء لكنها الأكثر انتشاراً وخصوصاً للكائنات الحية الكبيرة الحجم والمتعددة الخلية.

حسناً إذا كيف تستطيع الكائنات الحية من معرفة من هم أقربائهم؟

المشكلة أنه لا يوجد طريقة طبيعية تمكن الكائنات من تحديد التقارب الجيني وحتى إن كانا يشبهان بعضهما بعض الشيء فهذا لا يفسر النفور الجنسي بشكل غريزي. من الملاحظ أن الأقرباء لديهم نفور جنسي ليس بناء على التقارب الجيني وإنما التقارب المعيشي. هذا يعني أن الاقارب الذين تربوا في نفس المجموعة الأسرية ينتج لديهم نفور جنسي من بعضهم البعض بينما الاقارب وحتى إن كانوا إخوة من الممكن أن يمارسوا الجنس طالما أنهم لم يترعرعوا سوية. مثلاً إذا فصلنا أخ وأخته بعد الولادة مباشرة ولم نخبر أحدهم بوجود الآخر وثم اجتمعا لاحقاً في حياتهم فهذا يعني أنه من الممكن أن يمارسوا الجنس دون أن يشعروا بأي نفور وحتى  إن علموا أنهم أخوة.

لنعود خطوة إلى الوراء.

إذاً الجنس وسيلة للتكاثر وخلط الجينات قدر الإمكان. التطور عبر الانتقاء الطبيعي يفضل الكائنات التي تحمل جينات متنوعة أكثر من الكائنات التي تحمل جينات متطابقة وذلك لأن الكائنات المتنوعة جينياً تحمل بجعبتها خيارات أكثر للتعامل مع المتغيرات البيئية. عندما نقول أن التطور يفضل التنوع الجيني يجدر الذكر أنه تعبير مجازي يترجم بموت الكائنات التي لا تمتلك جينات متنوعة بشكل يعزز فرصها على البقاء. من هنا تطرقنا لفكرة أن التزاوج بين الاقرباء غير محبذ تطورياً وأن الانتقاء الطبيعي وضع ضغط تطوري على انتقاء الأحياء الذين لا يتكاثرون مع اقربائهم.

يجدر الذكر هنا أن الضرر الجيني من الزواج مع الأقارب ينحدر بشكل كبير بعد الدائرة الأولى من الاقارب (أم أب وأخوة) وهذا يعني أن تزاوج أولاد العمومة ليس محبذ لكنه لم يشكل ضغط تطوري لمنعه بالمطلق. ابناء العم يمتلكون جينات متطابقة بنسبة ١٢٪ تقريباً بينما الأخوة والاباء يمتلكون ٥٠٪ من جينات بعضهم. التطور عبر الانتقاء الطبيعي طور لدى الأحياء غريزة تقوم على تجنب التخالط الجيني مع جميع الاشخاص الذي يمضي الكائن معهم سنين الطفولة. هذا يعني أن أطفال الإنسان لن ينجذبوا جنسياً لأي إنسان عاش معهم في السنين الأولى من عمرهم وخصوصاً في مرحلة النمو الجنسي بشكل كامل (٧ إلى ١٣سنة).

هذا النفور الجنسي غير مرتبط بالتقارب الجيني وإنما وسيلة بقائية تفترض أن الأطفال الذي يربوا سويةً متقاربين جينياً وبالتالي تطور نفور جنسي بينهم كافي لضمان استمرارهم في خلط جيناتهم. هذه الفرضية تم وضعها من العالم Edward Westermarck وتسمى تأثير وستمارك. (2) أود أن أنوه هنا أن هذه الغريزة لم تنشأ كوسيلة لخلط الجينات أو كحل لمعضلة وإنما تطورت نتيجة موت الأحياء الذين ليس لديهم الطفرات الجينية التي تؤدي إلى نفورهم الجنسي من أقربائهم. هذا يعني أنه في السابق لم تكن الأحياء تشعر بنفور جنسي ومع الوقت وعبر الانتقاء الطبيعي نشأت هذه الغريزة. لنتأكد من هذه النظرية نستطيع أن نضع بعض التوقعات التي قد تساعدنا في التحقق من دقتها.

هذا يعني أن الابناء لن ينجذبوا جنسياً لأمهم أو ابوهم أو أخوتهم أو أي شخص ترعرع معهم في السنين الأولى من حياتهم وخصوصاً النافذة الجنسية ٧ سنوات إلى ١٣ سنة. الجميل في العلوم أننا نستطيع فحص هذه الفرضية ومقارنة الطرح مع ما نجده في الواقع. يوجد لدينا بعض الأمثلة من الواقع فمثلاً يوجد مجموعات تسمى مجموعات “كيبوتس” (Kibbutz) وهي تجمعات سكنية مغلقة يعيش فيها مجموعات كبيرة من الناس (3). بعد دراسة حياة الأشخاص الذين عاشوا ضمن هذه التجمعات السكنية المغلقة نجد أن من بين ٣٠٠٠ حالة زواج ١٣ منها فقط كانت من مجموعات ترعرعت ضمن نفس المجموعة. من بين الحالات ال١٣ التي ذكرتها لم يتم إنجاب الأطفال إلى بعد ٦ سنوات من الزواج مما قد يدل على فتور جنسي وعدم وجود انجذاب بين الشركاء.

الملخص:

المانع عن الزواج والاختلاط الجيني هنا ليس مرتبط بقدرة الكائن على تحديد أقاربه من الناحية الجينية وإنما ربط السنين الأولى من الطفولة مع عدم الاختلاط الجيني والنفور الجنسي تماماً كما هي حالة صيصان الدجاج الذين لم يجدوا أمهم بعد الولادة أو مثال العصافير التي لم تتعلم الزقزقة وفقدت قدرتها على تقليد أبويها أو عملية تطور اللغة لدى الإنسان. الاستراتيجية تقول لا تنجذب جنسياً لمن كان يعيش معك في مرحلة الطفولة لأن فرصة أن تكونوا متقاربين جينياً هي فرصة عالية جداً. في حال فصلنا الأخوة عن بعضهم البعض و لم يتعرفوا على بعض و تربوا سويةً في مرحلة الطفولة فهذا يعني أنه لا يوجد مانع بيولوجي يساهم في منعهم من ممارسة الجنس و لن يشعروا بنفور جنسي اتجاه بعضهم البعض إذ أن العلمية غير مرتبطة بالتقارب الجيني و إنما بربط الخارطة الدماغية أثناء الطفولة بعدم الانجذاب للأشخاص القريبين منا ضمن مجموعتنا السكنية.

بناء على هذه النظرية وبما أن الذكور هم من يبادرون في العملية الجنسية عادة فهذا يعني أن حدوث زواج الأقارب عادة يحدث بين الاباء والأبناء لأن الأم لن تباشر بالعلمية الجنسية بحكم أنها أنثى ولأن الأب لم يتطور دماغياً منذ الطفولة في النفور من أبناءه. طبعاً هنا يوجد العامل الأسري و الضغوط الاجتماعية التي تمنع الاباء من ممارسة الجنس مع ابنائهم لكن هذا يعني أن احتمال حدوث زواج الاقارب بين الاباء و الابناء (أب و ابنته) هو الاحتمال الأكبر بين الاحتمالات الأخرى مع العلم أن للاب سلطة على الأبناء و يمكن استغلال هذه السلطة ضمن العلاقة. أتمنى أن أكون سلطت بعض الضوء حول هذا الموضوع و أن يكون جلياً للقارئ أننا لا نمارس الجنس مع أمهاتنا و أخواتنا ليس بسبب الرادع الديني و إنما لأننا مبرمجون تطورياً على النفور من الأشخاص الذين ربينا معهم.


Long-term potential for imprinting in ducks and chickens, Leonard A. Eiserer, US National Library of Medicine, National   Institutes of Health, retrieved on June, 22, 2016 http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1332963

Sex differences in inbreeding avoidance, Urszula M. Marcinkowska , Fhionna R. Moore, Markus J. Rental, Oxford Journals, Behavioral Ecology. Published on 10/6/2013 http://beheco.oxfordjournals.org/content/early/2013/04/13/beheco.art028.full

Mate selection among second generation kibbutz adolescents and adults: Incest avoidance and negative imprinting,  Shepher, Arch Sex Behav. 1971 Dec, retrieved on June, 22, 2016 http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/24179077

Female transfer and inbreeding avoidance in social mammals, Glutton-Brock TH, Nature. 1989 Jan, retrieved on June, 22, 2016 http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/2909891

Evolving a Mechanism to Avoid Sex with Siblings
https://www.scientificamerican.com/article/evolving-mechanism-avoid-sibling-sex/

An experimental test of the Westermarck effect: sex differences in inbreeding avoidance
https://academic.oup.com/beheco/article/24/4/842/220309

مصطفى عابدين

مؤسس ومدير محتوى موقع علومي. باحث مهتم بالعلوم، أسعى من خلال هذا الموقع إلى المساهمة في إثراء المحتوى العلميّ العربيّ على الإنترنت بمقالات أصليّة مبسّطة، تزوّد القارئ غير المختصّ بالأساس العلميّ الذي يحتاجه لمتابعة آخر المستجدّات والأخبار العلميّة، بعيداً عن الترجمة التي في بعض الأحيان تُفقِد المحتوى العلميّ مضمونه.

14 تعليق

انقر هنا لتضع تعليق

تعليق

  • تريد مشاهدة مناقصة لهذا الفكر الماسوني المتطرف فأنتم لستم مثقفون انتم للأسف مأجورين.
    هذه هي المشاهده المتناقضة سيدي ردودك مستفزةمثل مقالاتك الموجهه.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الزنا اشتمل على أنواع من المفاسد :
    (ولا تقربوا الزنا انة كان فاحشة وساء سبيلا)
    قال الله تعالى لا تقربو انت أشرت آلية ويسرتةفهل تقتنع بهذة الفرضية يا محترم ام سوف تقوم بدور المثقف الذي يحمل فكرا مختلفا سفسطائية
    أولها : اختلاط الأنساب واشتباهها فلا يعرف الإنسان أن الولد الذي أتت به الزانية أهو منه أو من غيره ، فلا يقوم بتربيته ولا يستمر في تعهده ، وذلك يوجب ضياع الأولاد ، وذلك يوجب انقطاع النسل وخراب العالم .

  • المقال من الناحية العلمية ممتاز لكن حضرتك تشير وتتطرق إلى ممارسة الجنس يدون اي قيود ولا روابط وهذا لا يجوز إطلاقا من الممكن أن تعبر عن وجهه نظرك بأسلوب آخر ليس بهذة الأسلوب إذا تكرمت حضرتك أشرت إلى أنه من الممكن عند عزل الاخوه عن بعضهم ممكن أن يمارسو الجنس حتى لو يعلمو ما هذا الأسلوب لإيصال معلومه علميه فحضرتك لكي تعبر عن معلومه أبحت وسمحت بفعل من الكبائر فهل هذا علم وهل هذة طريقة. من فضلك إذا تكرمت عدل كل الأمور التي تشير إلى تيسير الزيل فهناك شباب مراهقين يقرئون مثل هذة الأفكار الجنمية التي لم تكن بخاطرهم ابدا الا من خلال مقال مثل هذا فضلا وليس امرا راجع المقال وصحح الخطأ ليس في هذة الأمور علم فهي تعد أفكار جاهزة المراهقين سوف تحاسب انت عليها.. تحياتي لحصرتك

  • الكلام غير دقيق وغير علمي بتاتاً، أنا أعرف صديق تربى مع أبنة عمه من الصغر وتقريباً في نفس المكان (شقة مكونة من طابقين سكنوا فيها الأخوة سوياً) وصديقي أحب أبنة عمه وتزوجها ولم يكن هناك نفور ولا شي !!! الأجانب لا يحبون فكرة تزوج أبناء العموم ويعتبرونها مقززة، ولكن من نظرة علمية هذا دليل على عدم مصداقية المقال وبأن المقال تمت كتابته ليتناسب مع توجهات الكاتب الفكرية وليس له أي علاقة بعلم حقيقي. كثيرة هي الأمثلة عن تزاوج أناس عاشوا في نفس المكان ولم يشعروا بتقزز وخاصة في عالمنا العربي، لماذ أنجذب صدبقي لأبنة عمه ولم ينجذب لأخته وهم يعيشون في نفس المكان؟ هذا اللي يسموه الأخوة المصرييين الهبل في الجبل

  • مشكور اخي مصطفى على المقال
    كنت أظن أن نفورنا عن نكاح الاقارب هو ان اسلافنا لاحظوا ان عند تزاوج اقارب فيما بينهما غالبا ما يؤدي الى ابناء ذوي تشوهات خلقية
    و بالتالي يأثر سلبيا على البقاء

  • من خلال تحليلك القيم يتبين لي أنك لن تحس بأي تبعات أخلاقية أو إحساس بالذنب إذا مارست الزنى مع أحد محارمك من الإناث إذا استطعت تجاوز الاكراه التطوري الذي يفرض عليك النفور من الأشخاص الذين تربيت معهم لأنك بكل بساطة لا تؤمن بالجزاء والعقاب و لا تتوقع وجود كميرا مراقبة قابعة في السماء؟؟؟؟؟

    • هذا صحيح. لن اشعر باحساس الذنب لكن أشعر بنفور غريزي يمنعني من هذه الممارسة. من الناحية الأخلاقية لايوجد سبب موضوعي لاعتبار أن هذه الممارسة بين (شخصين بالغين راشدين) هي ممارسة غير أخلاقية. هذه الممارسة تقع تحت بندالحرية الشخصية لهؤلاء الأشخاص لكن هذه الممارسة مرفوضة غريزياً بالنسبة للأغلبية الساحقة من البشر للأسباب التطورية التي ذكرتها ضمن المقال.

  • شكرا استاذ مصطفى..
    أود أن أسألك بناء على ماتقدمت به

    ماهو إذا” الرادع الذي يمنع الاباء من الانجذاب لأبنائهم بما أن نظرية النفور الجنسي لاتنطبق عليهم؟؟

    • وسؤال اخر لو سمحت … في حال تربى اثنين من الاطفال سوية خلال مرحلة النمو الجنسي من 7-13 ومن ثم تم فصلهم وابعادهم تماما ..ليعاودوا الالتقاء مرة اخرى وهم في مرحلة الشباب … هل سيحصل نفور جنسي بينهم ؟؟… لا أظن ان التجارب الواقعية تتفق تماما مع هذا ..

    • الفرضية تقول أنه سيحدث نفور جنسي. إن كان يوجد لديك مشاهدة مناقضة لهذه الفرضية أرجو أن تطرحيها.

    • الفرضية تستنتج أن الأباء ليس لديهم مانع غريزي يمنعهم من ممارسة الجنس مع أبنائهم لكن المانع اجتماعي مرتبط بالضغوط الاسرية والعلاقة الزوجية.

  • في الحقيقة موضوع شيق, ليس لأنه يلامس الحقيقة أو يعطينا تفسيرا جديدا لمعضلة زواج الأقارب ولكن الشيق والمثير في الأمر أنك أعطيتنا نموذج يبدو متناسقا و دعمته بحجج وبراهين وقدمته لنا على أساس أنه حقيقة مطلقة لا تقبل النقاش والجدال كمثال الصيصان وأمهم ومجموعات “كيبوتس” في الحقيقة طريقتك في طرح المواضيع مشابهة للفلاسفة السفسطائيين الذين اعتادوا إلباس الزائف ثوب الحقيقة معتمدين على جهل الناس فلم تكن غايتهم إظهار الحق بل غايتهم الأسمى هي كسب نتيجة الجدال لصالحهم مهما كان الشيء الذي يتناقشون حوله. فأنت تفترض سلفا بأن النفور من نكاح الأقارب سببه ضرورة تطورية وومحركه الأول الانتخاب الطبيعي وأن الدين لا علاقة له بالأمر. فنحن كما تعلم كائنات عاطفية نتخذ القرار أولا ثم نبحث عن المبررات التي تبرر قرارنا هذا , ألا ترى أن موضوعك هذا موضوع عاطفي محسوم سلفا من وجهة نظرك وما على القارئ إلا الثناء عليك ,وهذا بالضبط ما قدصده امنويل كانت عندما شدد على المصادر التي نستقي منها معرفتنا وأن نعرف ماهية حدود المعرفة التي يمكن الوصول إليها.ويضرب مثالا على ذلك انه إذا استعد العقل للتفكير قبل أي موضوع واختار العقل التفكير بطريقة السببية فإننا بالتالي نعلم قبل ان نتعرف على أي موضوع ان الموضوع سيكون إما سببًا أو نتيجة.وأن مبدأ السببية هو طريقة في التفكير لا يمكن ان تستقل عن الإحساس و العواطف.

    • عزيزي لايوجد حقائق مطلقة في العلوم. الطرح هنا فرضي يحاول تفسير النفور الجنسي بين الاقارب.