خواطر ومعلومات

الفقاعة المعرفية

– جمال مثله مثل ألاف الأشخاص الذين يعتقدون بوجود مخلوقات فضائية.. لقد شاهد مئات الفيديوهات على موقع اليوتوب التي توضح بشكل قطعي طيران الأطباق الطائرة….
– سمير من الناس المؤمنون أن الأشباح حقيقيون و هو أيضاً شاهد العديد من الأفلام التي توثق وجود هذه المخلوقات الماورائية….
– رامي يعتقد أن عمر الأرض 6 ألاف سنة و أن مخلوقات فضائية هي من بنت الأهرامات في مصر
…. 
ما هي أوجه التشابه بين هذه الحالات؟
جميع هؤلاء يعيش ضمن فقاعات معرفية….

الفقاعة المعرفية هي ما نحيط أنفسنا به من معارف تتماشى مع معتقداتنا الأصلية دون القدرة على الوصول إلى المعارف المنافية لمعارفنا.

أغلبنا يستقي معارفه من الإنترنت على سبيل المثال محرك البحث غوغل. جميع محركات البحث تعمل على رصد كل مانبحث عنه في سبيل بناء فكرة عن توجهاتنا واهتمماتنا لكي تعرض علينا إعلانات تتناسب مع هذه التوجهات.

تاريخ البحث لدينا و سجلنا الشخصي لدى هذه المحركات تعمل على عرض نتائج بحث تتناسب مع توجهتنا المعرفية.
هذا يعني أذا كتبت أنا UFO في محرك البحث و لأني لا أؤمن بهذه الظاهرة سأجد نتائج بحث تؤكد لي أفكاري. سأجد مئات الروابط التي تثبت عدم صحة نظرية الأطباق الطائرة و إذا بحث رامي عن عمر الأرض فسيجد مئات الروابط التي تؤكد أن عمر الأرض 6 ألاف سنة. مع الوقت ندخل جميعنا في داخل فقاعات معرفية تنتقي لنا المعلومات و تقدمها لنا على أنها الحقيقة الوحيدة فتغيب عنا الأوجه الأخرى للمعلومة. 
من الناحية البيولوجية نحن أيضاً نقوم بالتحيز وانتقاء معلوماتنا و نعمل جاهدين على قراءة كل ما يتوافق مع أرائنا و نتجاهل كل ما يخالفها. هذه الخاصية العقلية سببها أن الدماغ استثمر الكثير من الوقت و الجهد في فهم موضوع معين و وجود حقائق جديدة مغايرة للمعرفة الحالية سيتطلب جهد كبير و غالي من حيث الاستثمار الدماغي. 
لنتخيل أفكار الشخص مثل قصر كبير بناه من حجارة الدومينو.
إذا حرك الأحجار كثيراً ستتزعزع الأساسات لدرجة أنها قد تدمر هذا القصر الرائع الذي تم بنائه خلال السنين.

ما هو الحل؟

توقف اليوم عن بناء قصرك الفكري واعمل بشكل رجعي في التحقق من أن جميع الأحجار هي أحجار علمية تعتمد على الدلائل و البراهين

إذا ناقشت أحداً حاول أن تلخص وجهة نظر محاورك بشكل أفضل منه لكي تتأكد أنك فهمت أفكاره بشكل جيد يسمح لك نقاشها.
استخدم الطريقة العلمية في البحث و المنطق. كلما بدأت باكراً في بناء قصرك المعرفي بشكل جيد كلما سهل عليك الفك و التركيب و لن تستصعب تهديم كل ما بنيته لأن إعادة التركيب ستكون سهلة و بسيطة و ممتعة.

أخيراً افقع فقاعتك المعرفية….

مصطفى عابدين

مؤسس ومدير محتوى موقع علومي. باحث مهتم بالعلوم، أسعى من خلال هذا الموقع إلى المساهمة في إثراء المحتوى العلميّ العربيّ على الإنترنت بمقالات أصليّة مبسّطة، تزوّد القارئ غير المختصّ بالأساس العلميّ الذي يحتاجه لمتابعة آخر المستجدّات والأخبار العلميّة، بعيداً عن الترجمة التي في بعض الأحيان تُفقِد المحتوى العلميّ مضمونه.

أضف تعليق

انقر هنا لتضع تعليق

تعليق