فؤاد يعمل على مشروع تخرجه منذ ستة أيام. المشروع عبارة عن تصميم محاكاة كونية على جهاز الحاسوب الكمي الذي يمتلكه. في الواقع هذا المشروع أخذ عشرات السنين من البحث وتجميع البيانات التي يجب برمجتها ضمن برنامج المحاكاة. بداية كان عليه إيجاد طريقة تتجانس فيها القوى الأربع التي تسيطر على المحاكاة دون أن ينهار النظام بسبب تضارب هذه القوى فمثلاً إذا كانت قيمة الجاذبية غير دقيقة سينهار النظام على نفسه وإن كان توسع برنامج المساحات أسرع من قيمة محددة فهذا سيؤدي لعدم قدرة البرمجيات الآخرى من التنصيب ضمن النوافذ الزمنية المحددة لها.
في الواقع فؤاد لم يستطيع معرفة القيم الدقيقة التي يجب أن تولف عليها القوى الأربع (الجاذبية والنووية القوية والنووية الضعيفة والكهرومغناطيسية). لكنه ابتكر طريقة برمجية مكنت برنامج المحاكاة من تحديد هذه القيم بشكل تلقائي. الفكرة هي أن يقوم برنامج تنصيب المحاكاة بالبداء واعادة التنصيب في حال الفشل لعدد لا منتهي من المرات إلى أن يجد البرنامج الصيغة ذات التوليف الصحيح لكي يبدأ برنامج التوسع ضمن سرعة مواتيه للبرامج الآخرى.
من بين العديد من القوانين البرمجية التي وضعها فؤاد في محاكاته الكونية هي قانون ينص على انتقال برنامج المحاكاة من قيمة صفر إلى أعداد أكبر بحيث تكون قيمة صفر هي قيمة نقطة البداية. ما أن يبدأ برنامج المحاكاة بالعمل يبدأ معه برنامج العد من الصفر. كل شيء داخل برنامج المحاكاة محكوم بهذا القانون. جميع الموجودات ضمن المحاكاة محكومة بهذا العد التصاعدي.
الهدف من كل هذا هو قياس إمكانية الوصول لحالة من التوازن حيث يتمكن نظام ما ضمن المحاكاة أن يبطئ أو يوقف عملية العد التصاعدي ضمن عملية مركبة بعض الشيء. هذه العملية تسمى الحياة.
وضع فؤاد قيمة حددها مسبقاً لا على التعيين وهي ٤٥٣٦٣٥٣٠٠ هذه القيمة إن وصل إليها أي نظام سينتج عنه آلية تستطيع أن تحافظ على هذا الرقم وتوقف عملية التزايد الرقمي (الحياة). الطريقة الوحيدة لإبطاء العد التصاعدي أو اقافه تعتمد على تسريع العد التصاعدي لدى الكيانات التي تحيط بهذا النظام.
إذا سيتمكن النظام من البقاء على قيمة ٤٥٣٦٣٥٣٠٠ لكن مقابل ذلك ستتسارع قيمة أرقام كل ما يحيط بهذا النظام.
نعم المشروع لم يكن بسيط برمجياً. العديد من الأنظمة تصل لهذا العدد لكنها لا تتمكن من الحفاظ عليه بسبب عدم توفر ظروف برمجية محددة يجب أن تجتمع بنفس الوقت. فؤاد حدد هذه البرمجيات ونشرها بشكل عشوائي ضمن نظام المحاكاة وبدأ بمراقبة ما سيجري. إذا نشأ نظام حياة ضمن محاكته الكونية فهو سيحقق علامات جيدة جداً وسيتخرج من الجامعة.
مع الوقت فعلاً ظهر لدى فؤاد نظام في مجمع بعيد سماه “مجرة درب التبانة”.
لا حظ فؤاد توقف العد عن رقم ٤٥٣٦٣٥٣٠٠ بالفعل وتسارع العد التصاعدي لدى الموجودات التي تحيط بهذا النظام. سنين من العمل الشاق والبرمجيات المعقدة. كانت سعادة فؤاد لا توصف. لكنه عليه التأكد من النتائج. بالفعل قام فؤاد بفحص هذا النظام عن قرب فوجد نشوء كيانات جديدة قادرة على القيام بعمليات حسابية أيضاً وتستطيع أن تدرس نظام المحاكاة التي هي جزء منه.
كم هذا مثير للاهتمام…. بدأ فؤاد بالتواصل مع هذه الموجودات التي تمكنت من توقيف عداد التصاعد عند الرقم الذي حدده مسبقاً ٤٥٣٦٣٥٣٠٠.
بعد أن اثبت فؤاد إمكانية حدوث الحياة وجد أن هذا الإنجاز الكبير يتوجب عليه أن يتواصل مع موجوداته الجديدة و يعلمها موقعها من هذه المحاكاة وأهم الأشياء بالنسبة له.
أهم شيء بالنسبة لفؤاد مصمم هذه المحاكاة هو أن يقوم نوع محدد من الثدييات من عائلة القرود العليا فصيل الإنسان بقص جزء من أعضائها التناسلية. هو بالفعل وجد مجموعة صغيرة من تلك القرود العليا وأرسل إليها الرسل لكي تعلمها كيف تقص أعضائهم التناسلية مرضاة له. بعد ذلك بدأ فؤاد بكتابة قائمة من ١٠ أشياء هو لا يحبها. مع مرور الزمن زادت متطلبات المصمم فؤاد حيث أصدر عدة كتب ومجلدات يعلم فيها هؤلاء القرود كيف يتصرفون.
في يوم من الأيام فؤاد كان في الحمام يغتسل وفجاءة بدت له الحقيقة الساطعة. فؤاد ايضاً تعرض لعملية قص لأعضائه التناسلية في مرحلة الطفولة. هذا يعني أن فؤاد نفسه ليس إلا جزء من محاكاة كونية قام بتصميمها شخص آخر.
فؤاد يعيش ضمن محاكاة كونية قام بها شخص اسمه عدنان ولايزال لغز قص الأعضاء التناسلية غير واضح من أين بدأ.
يقال إن الفكرة بدأت بشكل رمزي من أحد مبرمجي المحاكاة السابقين حيث أراد أن يقدم له عبيده تضحية تثبت ولائهم له.
_____
يمكنك قراءة مقالي حول امكانية أن يكون الكون عبارة عن محاكاة على هذا الرابط:
https://myscience.space/articles/philos-sci/هل-نعيش-ضمن-محاكاة-كونية/
أضف تعليق