خواطر ومعلومات

بحث في فرضية الخالق

 أحد فرضيات تفسير بدايات الكون هي فرضية وجود خالق أنشأ الكون و تعتمد هذه الفرضية على برهان يسمى البرهان الكوزمولوجي. هذا البرهان  يعتمد على السياق التالي

توجد ثلاث مقدمات في برهان الإمكان الكوزمولوجي وهي :

1- كل شيء موجود يوجد تفسير لوجوده ( إما لضرورة تقتضيها طبيعته أو لسبب خارجي).

2- إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو الله.

3- الكون موجود.

الآن، ماذا ينتج منطقياً من هذه المقدمات الثلاث؟

من المقدمة 1 و 3 ينتج :

4- وجود الكون له تفسير.

و من 2 و 4 ينتج منطقيّاً :

5- إذن، تفسير وجود الكون هو الله.

هذه حُجّة متماسكة منطقياً، لذا إن أراد الملحد إنكار النتيجة يجب عليه القول أن إحدى المقدمات الثلاث خاطئة، ولكن أي واحدة سيرفض؟ المقدمة الثالثة لا يمكن أن ينكرَها أي باحث صادق عن الحقيقة، لذا يجب على الملحد أن يرفض إما المقدمة الأولى أو الثانية، إن أراد أن يبقى ملحداً وعقلانيّاً في نفس الوقت.

إذن، السؤال هو: هل المقدمة الأولى والمقدمة الثانية صحيحتان أم خاطئتان؟

نهاية نص فرضية البرهان الكوسمولوجي. يمكنك الإطلاع على نص الفرضية بشكل كامل هنا


الرد:

بشكل عام هذا ملخص لحجة الإثبات المنطقية لوجود خالق في الكون، لكن دعونا نعاين هذا الطرح بشكل منطقي.

النقطة الأولى:

كل شيء موجود يوجد تفسير لوجوده.

أو بقول آخر أن كل موجود له مسبب أوجده. هذا الادعاء يتماشى مع ما نرصده من حولنا فلا نجد أي شيء موجود في الكون دون مسبب (على الأقل حتى الآن). إذا نتفق مع النفطة الأولى من الادعاء.

النقطة الثانية:

إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو الله.

هذا استنتاج غير مبني على أي منطق معرفي مسبق.  يمكننا أن نقول التالي:

إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو كريشنا

إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو وحش السباجيتي الطائر

إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو باراك أوباما

إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو الله

نحن نتفق أن الكون موجود وبالتالي لابد من وجود مسبب له لكن نحن لا نعرف أي شيء عن هذا المسبب ويوجد عدد لا منتهي من الاحتمالات التي قد تفسر وجود الكون. افتراض أن الله هو مسبب الكون هو افتراض غير مثبت مثله مثل بقية الافتراضات للتي سردتها في الأعلى. على فرض أننا قبلنا بآخر فرضية والتي تقول إنه إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو الله فعلينا أن نقيم كيف وصلنا لهذه الفرضية.

وصلنا لهذه الفرضية بناء على النقطة الأولى التي بدأنا بها والتي تنص على أن كل شيء موجود يوجد تفسير لوجوده وبالتالي الآن علينا أن نطرح نفس السؤال وضمن نفس المنهجية إن كان الله موجود فما هو تفسير وجوده؟

عادة يكون الجواب أن الله لا ينطبق عليه هذا القانون لأن الله خلق نفسه ولم يلد ولم يولد.

هذا يعني انه بإمكاننا أن نقول التالي من باب اعتماد نفس المنطق المستخدم عن خواص الخالق:

الكون خلق نفسه بنفسه ولهذا لا يوجد داعي للاستفسار عن كيف بدأ الكون. عند هذه النقطة ينهار النقاش عادة وهذا لان كلا الطرفين أعطى نفسه حق غير مبني على قاعدة متفق عليها مسبقاً وهي وجود مسبب لا مسبب له.

وجود مسبب لا مسبب له يتعارض بشكل مباشر مع المبدأ الأول الذي بدأنا منه وهو كل شيء موجود يوجد تفسير لوجوده.

الطرف الأول يعطي نفسه حق اعطاء الوصول إلى مستوى لا تتطبق عليه هذا القاعدة و يسمى هذا المستوى الله و الطرف الثاني يرفض هذا الاستثناء و يقول إن كان يحق للطرف الأول لما لا يحق لي و أقول أن الكون خلق نفسه بنفسه دون الحاجة لفرضية الله.

لا أعرف:

أنا لا أعرف كيف بدأ الكون ولا أعرف أي شيء عن مسبب الكون لكن أرفض فرضية الله لأنها غير متماسكة منطقياً إذ أنها مبنية على مغالطة الاستدلال الدائري. مغالطة الاستدلال الدائري هي اعتماد اثبات الدليل على الفرضية من ضمن الفرضية نفسها. مثل “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”. هذا استدلال دائري لأن اثبات وجود الله يعتمد على ما قاله الله عن نفسه.

موس أووكم وأبسط الاحتمالات:

أيضاً هذه الفرضية تتنافى مع مبدأ “موس أووكم” حيث يقول هذا المبدأ انه عند البحث عن اجابات غير معلومة بالنسبة لنا وإن كان لابد علينا وضع بعض الافتراضات غير المثبتة فعلينا تبني أكثر هذه الافتراضات بساطة. لنتخيل أنه يوجد بنك كوني للمعلومات و هذا البنك يتعامل بعملة “معرفية” فعندما نطلب قرضاً معرفي منه يشترط علينا هذا البنك أن نبدأ بأقل قيمة لهذا القرض.

هذا يعني أننا نستطيع شراء فرضيات لكن علينا شراء أرخص الفرضيات قيمة من حيث قيمة المعلومات التي لا نمتلك أي دليل لإثباتها.

إذا أردنا أن نفترض وجود مسبب لهذا الكون فهذا يستوجب علينا تبني أبسط فرضية من حيث القيمة الافتراضية للمعلومات. فرضية الله فرضية أكثر تعقيد من السؤال الاصلي الذي نحاول الإجابة عليه.

نحن نسأل من سبّب الكون ونجد البعض يقول لنا يوجد كيان يتصف بالكمال خارج الزمان والمكان لم يلد ولم يولد لم يكن له كفئ أحد وهو من سبب هذا الكون. هنا يقدم البنك الكوني المعرفي اعتراضاً اجرائياً لأننا لم نقترض منه أبسط الافتراضات وحاولنا اقتراض فرضية مركبة ومعقدة أكثر من السؤال الأصلي دون أي مبررات معرفية. (لا نملك ما يكفي من الموارد لأخذ هذا القرض من البنك الكوني).

لنفترض أننا تبنينا فرضية أن الكون أوجد نفسه بنفسه فهذا الافتراض على الرغم من أنه غير مبرر علمياً وغير مثبت معرفياً إلا أنه يعد أبسط من افتراض وجود كيان كامل خلق نفسه بنفسه ولديه قدرات خارقة ويعمل بشكل مؤثر في مجريات أحداث الكون. هذا الافتراض (الكون أوجد نفسه بنفسه) بسيط لأنه يعطي نظرية الانفجار العظيم ميزة وحيدة جديدة وهي أنها بدأت لوحدها فقط. لا يوجد حاجة لافتراض أي شيء سوى أن الانفجار العظيم حدث بشكل ذاتي وتلقائي.

يوجد فرضية بسيطة أخرى تقول أن الكون لم يكن له بداية (كون أزلي). هذه الفرضية على الرغم من بساطتها إلا أنها تتعارض بشكل مباشر مع ما نرصده في هذا الكون إذ أنه من الواضح انه يوجد نقطة محددة من الزمكان لم يكن يوجد قبلها زمكان. على الرغم من أن هذه الفرضية غير علمية (بناء على معارفنا اليوم) إلا أنها تبقى فرضية أبسط وأرخص من فرضية الله بالنسبة لبنك المعلومات الكوني.

فرضية الله:

فرضية الخالق أوجدها الإنسان بسبب الكسل المعرفي وبسبب عجزه عن ايجاد أجوبة سريعة لحل لغز هذا الكون العظيم. من الواضح أنه مهما كان هذا الجواب عن سؤال من أين جاء الكون. سيكون السؤال الذي يليه من اين جاء هذا المسبب وإن وجدنا الجواب لهذا السؤال سيكون الجواب الذي يليه من أين جاء مسبب المسبب والذي يليه من اين جاء هذا أيضاً إلى ما لانهاية. لهذا وجد الإنسان أن افتراض كيان يوقف هذا التسلسل اللانهائي بكيان لم يلد ولم يولد هو افتراض ينهي هذا البحث ويعطي وهم بالإجابة على السؤال.

بالنسبة لي لا يوجد لدي مشكلة بأن نقول أن الكون لم يلد و لم يولد أو أن الله لم يلد و لم يولد أو أن شيفا لم يلد و لم يولد لأن جميع هذه الفرضيات متطابقة بالنسبة لي مع استبدال الألفاظ و لا تقدم أي قيمة معرفية جديدة لكن المشكلة أن من يقدم لنا فرضية الله الذي لم يلد و لم يولد يستغل قبولنا بهذه الفرضية و يقدم ادعاءات أخرى تتعلق بحياتنا و الموجودات الكونية الأخرى. المشكلة بهذا الطرح أنه بإمكاننا تفسير الظواهر الكونية بدقة عالية دون الحاجة لفرضية الله طالما أننا تجاوزنا معضلة البداية الكونية. الكون يقدم لنا سرد دقيق عن أليات عمله.

إذا فرضية الله قد تؤجل البحث عن السؤال الأصلي حول كيف بدأ الكون إلا أنها غير مهمة وغير ضرورية بعد أول ثانية من بداية الكون وبالتالي يتم استغلال الله في محاور نحن لسنا بحاجته فيها. لو أن الأديان قالت لنا أن الله هو من خلق الكون وكل ما يتعلق في فهمنا لهذا الكون يجب أن يأتي عن طريق المنهج العلمي سنجد ان الخلافات لن تتعدى كونها خلافات فلسفية هنا وهناك، لكن الدين يريد أن أن يستغل فرضية الله ويفسر كل ما هو موجود في الكون ويسن لنا قوانين تضمن سيطرة هذه المنظومة الفكرية على كل مفاصل الحياة.

نجد أشخاص لا يمتلكون أي مقومات معرفية ولا يفقهون أبسط القواعد العلمية لكنهم يقدمون اقتراحات طبية للشفاء من الأمراض.

نجد أشخاص كل ما يميزهم عن اي إنسان آخر أنهم أطلقوا بصيلات الشعر على وجههم يقومون بتقديم نظريات فيزيائية حول سرعة الضوء والإعجاز العلمي وكيف نحفز الغيوم على هطول الأمطار.

نجد اشخاص لم يكملوا مراحل الدراسة الاساسية لكنهم وبكل ثقة يقيمون نصف سكان الكرة الارضية بأنهم ناقصات عقل وأنهن غير مؤهلات لاتخاذ القرارات ولا يعتد بهم قانونياً.

المشكلة أعمق من كيف بدأ الكون. المشكلة منهجية.

مصطفى عابدين

مؤسس ومدير محتوى موقع علومي. باحث مهتم بالعلوم، أسعى من خلال هذا الموقع إلى المساهمة في إثراء المحتوى العلميّ العربيّ على الإنترنت بمقالات أصليّة مبسّطة، تزوّد القارئ غير المختصّ بالأساس العلميّ الذي يحتاجه لمتابعة آخر المستجدّات والأخبار العلميّة، بعيداً عن الترجمة التي في بعض الأحيان تُفقِد المحتوى العلميّ مضمونه.

17 تعليق

انقر هنا لتضع تعليق

تعليق

  • انتقاد ردك:
    – النقطة الأولى ليست مقبولة، فكل من يقول عن شيء أنه أزلي (مثلا: الإله عند المؤله) يعتبره موجودا دون مسبب. لهذا يقول الفلاسفة المعاصرون: كل حادث لا بد له من سبب.
    – النقطة الثانية: انتقادك مقبول، لكنه ليس بتلك القوة. لأنك كررت خطأ ليبنتز: هو سماه إله، وأنت أعطيته تسميات عدة تتسم ببعض الطرافة، خاصة باراك أوباما :-). فلنسمه المسبب الأول مثلا، أو صانع أو خالق.
    – تقول: لكن نحن لا نعرف أي شيء عن هذا المسبب.
    لكن يمكننا استنتاج بعض الصفات لهذا المسبب الأول هو صفاته. فما هي يا ترى صفات المسبب الأول لكون بهذه العظمة وبهذه الدقة ؟
    – تقول: يوجد عدد لا منتهي من الاحتمالات التي قد تفسر وجود الكون.
    غير صحيح. ربما يوجد عدد كبير من التسميات (كما فعلت أنت) لكن المسبب واحد، خاصة إذا استعملنا نصل أوكام الذي استعملته أنت سابقا.
    – المؤلهون لا يقولون أن الإله خلق نفسه (مغالطة رجل القش)، لأن ذلك يفترض أنه كان غير موجود ثم أوجد نفسه. اللاشيء لا يُوجِد شيئا، فكيف يُوجد وهو غير موجود ؟ وهذا ينطبق عن الكون أيضا.
    يقول المؤلهة أن الإله أزلي، أي ليست له بداية. وهذا ما كان يقوله كل الناس بعلمائهم وفلاسفتهم، ما عدا المؤمنون بالكتب السماوية، عن الكون قبل نظرية الانفجار الكبير. وكانوا يقبلونه بكل أريحية. يعني الفكرة ليست مرفوضة عقلا.

    في هذا القدر كفاية، لمن أراد النقاش.

  • بعض الأخطاء:
    1) القياس المنطقي المقدم لحجة ليبنتز (G. w. Leibniz)، يعني من القرن 18 وليست حجة و.ل.كريج، وقد انتقدها بنفسه.
    2) القياس المنطقي لحجة كريج والتي يسميها الحجة الكلامية الكسمولوجية:
    * كل ما له بداية، لا بد من علة وراء بدايته.
    * الكون له بدء.
    * إذا فهناك علة وراء هذا الكون.

    هل يمكنك دحض هذه الحجة منطقيا ؟

  • مقال رائع عزيزي مصطفى , إلا أني لا أعارض فقط المسلمة الثانية, بل أيضا المسلمة الأولى, وهذه حجتي في معارضتها , تثبت أنه ليس كل شيء موجود له تفسير لوجوده.

    بمعنى أنه من الناحية الابستيمولوجية, من المستحيل ان نعرف جميع التفاسير , وتفاسير التفاسير لو كان كل شيء موجود له تفسير .. لأنه : اذا كان لكل x موجود تفسير y بحيث ان y تساهم بشكل مباشر او غير مباشر في تفسير x .. فإن x لايمكن ان تساهم في تفسير y بشكل مباشر او غير مباشر.

    هذا يعني أن تفسير y سيحتاج متغيرا آخر هو الذي يساهم في تفسيره. ما يعنيه هذا انه لو كان لكل شيء موجود تفسير, فإن الاشياء الموجودة لانهائية, لأن كل شيء سيحتاج تفسيرا لوجوده من خارج مجموع الاشياء التي تعتمد عليه في تفسيرها.

    نفترض أن الإله موجود, هذا يعني أن الإله تفسير كل الموجودات التي نعرفها. لكن بما أن الإله موجود أيضا, ولايمكن لمؤمن أن يبحث عن تفسير خارجي لوجوده, فهذا يعني أن المسلمة “كل شيء موجود له تفسير” هي عبارة خاطئة. وحتى لو كانت صائبة فهذا يعني أن الموجودات لانهائية, ما يعني استحالة معرفة تفسير كل شيء, لأن التفاسير تكون لانهائية.

    من جهة اخرى, اذا افترضنا أن التفاسير تنتهي عند شيء محدد (إله , حقيقة المادة والطاقة نفسها, جوهر الوجود الذي تدرسه فلسفة الميتافيزيقا…الخ سمه ما شئت) , فهذا الشيء الأساسي في الوجود, لايمكن ان يكون له تفسير آخر غير أنه موجود. معنى هذا أيضا أن المسلمة خاطئة.

    خلاصة القول : اذا كانت المسلمة صحيحة, فالاله ايضا يحتاج تفسيرا بما أنه موجود.. وهذا يدعو لوجود عدد لانهائي من الموجودات كل منها تفسير للآخر. ما يؤدي الى مشكلة ابستيمولوجية : لايمكن معرفة تفسير , معنى, غاية, سبب كل شيء كل شيء.…

    اما اذا كانت المسلمة خاطئة, فهناك شيء واحد او عدة اشياء ليس لها تفسير من خارجها …في هذه الحالة ايضا : كل شيء يمكن معرفته ابستيمولوجيا الا تلك الحقائق الاساسية في الوجود لايمكن معرفتها من حيث المبدأ. يعني : ستكون دائما هناك مشكلة معرفية , شيء لايمكن معرفته من حيث المبدأ.

    شكرا صديقي على الموضوع … بالمناسبة : قطع صلتي بالفيسبوك لعدة اشهر جعل حياتي افضل بكثير , في العمل, في التعلم, …الخ. الفيسبوك غير صحي من الناحية الصحية و النفسية.

    محمد التقي.

    • في أحد ردودك، تقول أن السببية (قاعدة إستقرائية) وهذا خطأ.
      السببية (قاعدة استنباطية)، وابحث عن (السببية وممكن الوجود) أو (استنباطية السببية) عند الفلاسفة، وستجد البرهان.
      وهي أيضا (استقرائية تامة) وليست (استقرائية ناقصة).

  • بخصوص اعتراض الملحد لعن عدم تطبيق قانون السببية على الله فهو ساقط والسبب ان الله غير مخلوق -وهنا انت وقعت في خطأ حين قلت انه خلق نفسه- فهو أصلاً غير مخلوق بل أزلي والازلي لا بداية له. فقانون السببية مطبق على الاشياء المخلوقة (ممكن الوجود) وليس الاله الازلي (واجب الوجود). ولو افترضنا انك ما زلت تعترض على هذا فلا بأس, دعنا نفترض ان هذا الكون له خالق, وهذا الخالق له خالق, وهذا الخالق بدوره له خالق…..وهكذا الى مالانهاية. هذه مغالطة منطقية تسمى “التسلسل” وهو انك وقعت في تسلسل لانهائي من السببية والعقل يقضي بخطأ هذا بسبب ان كل موجود لن يوجد حتى يوجد الذي سببه ولو قلنا ان السببية لانهاية لها فهذا يعني انه لن يوجد شيء بسبب ان الموجود ينتظر وجود خالقه حتى يوجد ولكن هذا الخالق ينتظر خالقه وخالقه ينتظر خالقه وهكذا.
    مثال اّخر: لو تخيلنا الانسان مثلاً, فالانسان ينتظر وجود الخلايا التي صنعته والخلايا تنتظر وجود العناصر الكيميائية التي اوجدتها فأصبح الانسان بهذا ينتظر الخلايا والعناصر, وهذه العناصر تنتظر وجود الكون مثلاً فأصبح الانسان ينتظر ثلاثة أشياء:
    الخلايا, العناصر والكون. فلو افترضنا وجود مسببات لانهائية فإن الانسان لن يوجد أبداً لآنه ينتظر اشياء لانهائية تحدث حتى يوجد وهذه الاشياء اللانهائية لن تنتهي أبداً. ولكن الانسان موجود, إذاً هناك مسبب أولي لا سبب له. هذا المسبب نحن نسميه “الله” أما انت فسمه ما شئت ولكن هذا لن يخرجك من ورطة الاعتراف بهذا المسبب الذي لا سبب له (الاله الازلي).
    يبقى اعتراض آخر وهو انه كيف تعرف ان الله غير مخلوق؟ أولاً نحن نقول ان الله أزلي فسؤالك هنا ساقط لانه جمع نقيضين (أزلي ومخلوق) فلو قلنا ان خالق الكون المباشر (والكون مخلوق باعترافك وتأكيد العلماء بالانفجار العظيم) له خالق وهذا الخالق هو الازلي فإن هذا الخالق الازلي هو الله. ولكن انتبه, هنا يدخل نصل أوكام (موس أوكام) على الخط ضدك ليؤكد انه من الأولى التسليم ان الخالق المباشر للكون هو الخالق الازلي (الله) مالم يثبت العكس. وعاتق اثبات العكس يقع على المدعي أو السائل, من خلق الله؟
    في الحقيقة عزيزي ان مقالك مع احترامي متهافت فلسفياً فأنت جمعت نقيضين وقضيت بامكان التسلسل والدور وهذه كلها مستحيلات عقلية!!
    بسبب هذا استبعد في الحقيقة ان تكون قرأت كتاب فلسفة او انك شخص عميق فلسفياً…
    تحياتي لك

    • عزيزي , انا اعارض ايضا كلامك : بأي منطق يمكن افتراض أن الإله لم يخلق احد؟ لاحظ معي.

      عندما نقول : “الإله استثناء من قاعدة ان كل موجود له سبب”.

      1. أولا , قاعدة كل موجود أو حدث كوني له سبب , هي قاعدة استقرائية, بمعنى أننا ننظر الى الاشياء في حياتنا اليومية, ونرى ان جميعها لها سبب معين, لهذا فنحن نفترض مسبقا انه اذا كان هناك مجهول موجود, فهذا المجهول على الارجح له سبب. أي أننا ننتقل من الامثلة اليومية التي نعاينها, للتعميم على كل الموجودات.

      الاستقراء لايعطيك حقيقة صائبة 100 بالمئة (ابحث عن هذا الامر في فلسفة المنطق), بل يعطيك فقط حقيقة ترجيحية بشكل كبير.. مثلا : انا لا اقول أن الشمس ستشرق بنسبة 100 بالمئة غذا , بل اقول أنها ستشرق 99 بالمئة غذا . هناك دائما احتمال ضئيل حدوث شيء يؤدي الى عدم شروقها. لأن استنتاج شروق الشمس غذا نابع من منطق استقرائي , قمت بتعميم جميع الامثلة التي عاينتها في الماضي, على جميع الحالات المستقبلية.

      2. ثانيا , عندما تقول “الاله استثناء من قاعدة أن كل موجود له سبب” , فأنت تستثني الاله من قاعدة استقرائية. جميل. لنر أي سيأخذنا هذا الأمر.

      لدينا قاعدة استقرائية اخرى : “كل جماد لايمكنه فهم كلامي”, لأني رأيت الصخور و الكراسي والطاولات طيلة حياتي, وبناء على هذه الأمثلة اليومية, يمكنني ان اقول بانه لو كانت هناك صخرة صماء خارج الكون او في كون اخر, فهذه الصخرة لايمكنها فهم كلامي. (انتقلت من الامثلة الى قاعدة تعميمية استقرائية).

      ويجب ان ارفق استنتاجي بأن تلك الصخرة خارج الكون لن تفهم كلامي, بكلمة “من المرجح” (من المرجح بنسبة 99.999 بالمئة بأن تلك الصخرة لن تفهم كلامي).

      لكن يمكن لشخص يؤمن بأن هناك صخرة واحدة فقط هي استثناء من قاعدة ان الجمادات لا تفهم الكلام , ويدعي بأن جميع الجمادات لاتفهم الكلام باستثناء صخرة واحدة خرج الكون, هي جماد, لكنها تفهم كلامي.

      وضع استثناء لقاعدة استقرائية او استنباطية او تجريبية , يسمى مغالطة المرافعة الخاصة Special Pleading Fallacy.

      لماذا هي مغالطة ؟ لأنه باستخدام هذه المغالطة, لايمكن فقط اثبات ان الاله موجود بدون موجد … بل يمكن بها ايضا اثبات ان الصخرة الصماء خارج الكون تفهم كلامي بدون دماغ, ويمكن بها ايضا اثبات ان هناك كرسيا يسبح خارج الكون خلق الكون.

      كيف خلق ذلك الكرسي الكون وهو مجرد جماد؟؟

      يا أخي , ذلك الكرسي الأعمى والاصم استثناء من قاعدة استقرائية مفادها أن الجمادات لايمكنها خلق كون.

      المؤمن يرتكب هذه المغالطة كثيرا :

      – الاله الذكي استثناء من قاعدة استقرائية تقول أن جميع الاذكياء الذين رأيتهم طيلة حياتي لهم دماغ معقد.
      – الاله الذكي استثناء من قاعدتك الاستقرائية التي تقول بان كل موجود له مسبب .
      – الصخرة الصماء استثناء من قاعدة استقرائية تقول بان الجمادات لا تفهم الكلام.
      – الكرسي في المثال الثاني استثناء من قاعدة استقرائية تقول بأن الجمادات لايمكن أن تخلق كونا.

      بل يمكن ايضا ان اثبت الالحاد بتلك المغالطة :

      – جميع الموجودات لايمكن ان تخلق نفسها وهذه قاعدة منطقية بديهية واستقرائية ايضا , باستثناء الكون لايخضع لتلك القاعدة.

      هل رأيت عزيزي؟

      اثبات الاله لايمكن بوضعه كاستثناءات للقواعد المنطقية… لأن اي فكرة , مهما كانت ضعيفة , يمكن الانتصار لها باستخدام هذه المرافعات الخاصة.

      واعتقد لو كان الاله موجودا, لكانت طريقة أفضل لاثبات وجوده.

  • من حقك تتاكد من دينك بالنسبة لي انا اومن بوجود الله اقرا كتاب رحلتي من الشك الى الايمان لمصطفى محمود حاول فيه اثبات وجود الخالق عن طريق العلم ربما تجد فيه اجابات عن اسئلتك

  • مغالطة هذا المقال تكمن في: الاعتماد على المنطق كأداة للاستدلال و هذا تضييق للاستذلال!…لماذا؟ لان المنطق بكل بساطة هو مخلوق ! فلا تنسوا ان المنطق ما هو الا ما يوافق عليه العقل البشري. اما ماعدا ذلك فلا قدرة للمنطق عليه… اذن لا تستعمل منطقك في اثبات ما وراء المنطق… هناك ادوات أخرى غير العقل.
    نصيحة: نحن نؤمن بالله لاننا نشعر به لا لان المنطق اثبته و اكبر دليل وجود الله هو اجابته عند دعائك له… فنصيحتي ان تؤمن به اولا و سوف يأتيك الدليل.

    • غريب ردك! ربما لم تفهمني او لم افهمك… أكرر لك اننا لا نستعمل المنطق وحده لنؤمن لان المنطق محدود القدرة و ضعيف… ربما ستسألني لماذا المنطق محدود؟ فسأجيبك بكل بساطة لأنه “مخلوق” و اذا لم تكن تعتقد انه مخلوق, فمن اين أتى؟

      ملاحظة: انا محمد صاحب التعليق الاعلى و هذا حسابي على جوجل+

  • نحن نتفق أن الكون موجود وبالتالي لابد من وجود مسبب له ! ! هذه من أغبى ألآسئله ألفلسفيه ألتي وجدتهأ
    لمعرفه الاجابه على هذه السؤال…
    علينا اولأ معرفه ماهي اعظم مخلوقات الله التي تسيرنا وتسير الكون بدون حول منا ولا قوة
    ماهي المخلوقات التي نرى افعالها في انفسنا وفي كل شي حولنا بل وتبسط هيمنتها وجبروتها على جميع انواع الماده
    سوأء كانت هذه الماده جامده او سائله او حتى غازيه
    ماهي هذه المخلوقات التي نرى ففعلها ولكن لانراها مشخصه امامنا على الرغم تاثيرها الكبير على حياتنا ؟؟؟
    انها بكل بساطه قوانين الكون العظيمه
    الكون فيه كثير من هذه القوانين العظيمه بعضها ويبسط هيمنته على محيط محدود فقط
    وبعضها الاخر يبسط قدرته على اركان الكون وبلا اسثناء
    بل لاتتعجب ان قلت لك ان بعض هذه القوانين قادرة على التحكم في قوانين كونيه اخرى…
    بل وقادره على تغير الزمان والمكان في بعض الحالات
    وهذه القوانين الكبيره هي التي سوف تدلنا على جواب من خلق الله ؟؟
    دعني اشرح اولا معنى جمله نرى افعال هذه القوانين ولكن لانراها مشخصه امامنا لكي نحصل على فكره واضحه عن الموضوع

    مثال على ذلك..
    نحن نرى الشمس تشرق كل يوم الساعه السادسه وعشر دقائق.. وتغرب الساعه السادسه مساء وعشر دقائق على سبيل المثال…

    هل الشمس تملك عقل لكي تميز الفرق بين الاوقات .. وبناء على هذه العقل تستطيع ان تعرف مقدار الحركه التي تحتاجها لجعل عمليه الشروق والغروب في وقت محدد لايزيد او ينقص ثانيه واحده ؟؟

    بالتأكيد الاجابه هي لآ لاتملك عقلآ
    اذا مالذي يجعل حركتها منتظمه بهذه الشكل الخارق بل والمذهل..
    الاجابه :
    هي بعض القوانين المعروفه في الفيزياء بقوانين الحركه
    حيث ان هذه القوانين تعمل على جعل الشمس تتحرك في اوقات محدده للغايه بحيث لاتزد او تنقص عن وقت المحدد لها
    اذا فنحن نرى ان القوانين الكونيه تحرك الشمس وتوثر عليها وفي المقابل الشمس وتوثر عليها ..
    وفي المقابل الشمس لاتمثلك الى السمع والطاعه لهذه القوانين
    هذه المثال الصغير الذي اوردناة نرى فيه رويه لافعال هذه القوانين على حركه الشمس ولكن لا نرى نهائيأ شكل هذه القوانين مشخصه امامنا
    او لا نرى لها جسم مادي نستطيع لمسه او سمعه مثلأ..
    كل مانراه هو تاثيرها على المخلوقات فقط
    مايهمنا الان هو قانون واحد فقط من بين جميع القوانين الكونيه وهذه القانون من اقوى القوانين في كوننا بل ان باقي القوانين الكونيه وباقي المخلوقات كافه لاتتطيع العمل بدونه
    لانه بكل بساطه ضروري جدأ لمساله الخلق
    وبالمنسابه لهذه القوانين تعاريف واسماء عديده ولكن ابسط هذه الاسماء هو
    ((قانون البدايه))
    وسوف مثلا نسميه زر التشغيل
    ماعلاقه هذه القانون بالجواب على سؤال من خلق الله؟؟
    كلنا نعلم ان كل شي حولنا يبتدئ ثم ينتهي
    كل شي اكبر من الذره الى المجره ينطبق عليه هذه الامر بدون استثناء
    مثال من حياتنا (الانسان عندما اخترع الاجهزه وضع فيها قانون وتشغيل وقانون اطفاء لهذه الاجهزة..)
    تخيل معي لو ان الانسان اخترع كل هذه الاجهزه ولكنه لم يضع فيها قانون او زر التشغيل كيف سوف تعمل هذه الاجهزه..؟

    الجواب انها لن تعمل نهايا حتى يضاف لها زر التشغيل (قانون البدايه)..!!
    في الواقع نحن نعتقد بسبب اعتيادنا على هذه القوانين المسيره لكوننا المحيط بنا ان وجودها شي بديهي..!!
    وهذه مفهوم خاطئ تمامأ
    لان هذه القوانين تحتاج الى عقل وذكاء اكبر منها لجعلها قوانين منضبطه تعمل لغايه تنظيم وتسيير شئ مابدون خلل او احداث فوضي
    الان تخيل معي ان الله قبل ان يخلق نفسه يحتاج الى خلق قانون التشغيل او زر بدايه الخلق كما فهمناه من المثال التوضيحي السابق؟؟
    فيجب ان يكون قانون البدايه موجود مسبقأ
    ويجب ان يتحكم القانون في الله عز وجل (حاشاة سبحانه ) لانه لن يستطيع ان يخلق نفسه بدون قانون البدايه او زر التشغيل

    ولكن نحن لانفكر في ان هذه القانون الذي يجعلنا نسئل من خلق الله.. هذه القانون اصلا احد المخلوقات الله..!!
    فكيف ينخلق القانون قبل وجود الله ؟؟
    نحن نسئل هذه السؤال لاننا اعتدنا على قانون البدايه في كل شي حياتنا
    فنحن نرى الانسان يولد (بدايه)
    ونرى الحيوان يولد (بدايه)
    ونرى البيضه تفقس (بدايه)
    الخ….
    كل هذه البدايات هي ماتجعلنا نسئل من خلق الله؟؟
    لاننا اعتدنا على رايت ان لكل شي بدايه
    ولكن مالانعلمه ان كل هذه البدايات تحتاج الى قانون البدايه ( زر التشغيل )
    وهذه القانون مخلوق مثلنا
    وخالقه هو الله عز وجل
    فكيف يتحكم المخلوق (قانون البدايه ) في خالقه وموجده…!!!
    مايتحكم في المخلوق لايتحكم في خالقه
    مثال توضيحي تخيل معي انا صنعت
    اشاره مرور ووضعت لها قوانينها الخاصه بتنظيم حركه المرور ومن ثم صنعت سيارات او مركبات تسير اليأ لوحدها
    وبرمجتها على تلك القوانين التي وضعتها في اشارة المرور
    الاخضر للانطلاق
    الاحمر للتوقف
    الاصفر للتنبيه
    هنا انت من قام بوضع هذه القوانين بنفسك
    وتوقفت ان بنفكس عند الاشارة الت صنعتها ووضعت فيها تلك القوانين وخلفك المركبات التي برمجتها لتقود نفسها اليأ
    وكانت الاشارة تعطي ضوء احمر للتوقف وانت لاتريد التوقف
    هنا سسوف تستطيع قطع الاشارة وتكمل مسيرتك بدون مشاكل نهائيا
    لانك تعرف ان هذه القوانين لن يستطيع ان اجبارك على التوقف
    مالم تكن تريد التوقف
    وتوقفت انت بنفسك عند الاشارة التي صنعتها ووضعت فيها تلك القوانين وخلفك
    المركبات التي برمجتها لتقود نفسها اليأ
    وكانت الاشارة تعطي ضوء احمر للتوقف وانت لاتريد التوقف
    هنا سوف تستطيع قطع الاشارة وتكمل سيرك بدون اي مشاكل نهائيا
    لانك تعرف ان هذه القوانين لن يستطيع اجبارك على التوقف مالم تكن تريد التوقف والالتزام به
    ولكن المركبات التي برمجتها سوف تتوقف عند الضوء الاحمر ولن تستطيع التقدم حتى لو ارادت المركبه قطع الاشارة
    لانها مبرمجه على التقيد بهذه القانون لان قطع الاشارة بالنسبه لها امر خارج عن قدرتها
    ولاتستطيع عصيانه ابدأ
    اما انت بما نفسك صنعت هذه القانون فبامكانك عدم التقيد به ولن يستطيع ان يفرض عليك نفسه نهائيا او يتحكم فيك لانك صانعه وخالقه اصلأ
    في هذه المثال الله يعتبر هو مخترع اشارة المرور
    ومخترع القانون الذ وضعه في الاشارة
    اما نحن وباقي المخلوقات فنمثل المركبات التي برمجها ذلك المخترع..
    والله المثل الاعلى
    ان القوانين التي تسير وتتحكم في كوننا المادي برحمه الله عز وجل..
    تجعل الكثير من الاسئله تتبادر الى اذهاننا..
    مثل سؤال من خلق الله وغيرة من الاسئله
    ويجب ان نطرح الاسئله..ويجب اكثر ان نبحث عن اجبات لها
    لاننا في بحثنا عن اجابات لهذه الاسئله سوف نتعلم اشياء لم نكن لنتعلمها وسوف نجد انفسنا نتعلم في اشياء لاتحصى بسبب
    بحثنا عن اجابه لهذه السؤال ولهذه زرع الله هذه الاسئله في عقولنا
    من اجل البحث والتقصي وزياده السقف المعرفي للناس والمجتمعات
    وبالتالي التطور الحضاري والتقدم العلمي
    فالبحث العلمي هو الاساس بحث عن اجابات
    فالسؤال هو بدايه التطور العلمي

  • بكل الاحترام والتقدير ابدء كلامى مرحبا بعقلية فلسفية عربية مثل حضرتك لكن اسمحلي اعقب علي كلماتك تعقيبا اتمنى ان لايخل بالود المتولد بإنسنيتنا

    جذبني النصف الاول من كلامك حيث خط قلمك بتوجيه اناملك فكتب تلك الكلمات التي اراها كلمات متماسكة بعض الشئ لكنها قاصرة في بعضها الاخر وقد تكون كلماتك براقة لكن استنتاجك قد يكون خالى جزئيا من المعطيات والبراهين التي قد اخلت بالنتيجة المطروحة وانى ارى ان مقالك هو مقال فلسفى كثيرا عن كونه علمي

    ردي بسيط جدا جدا اكثر مما تتخيل

    ابهرتني حبكتك الدرامية للمشهد الذي كونته من سائل ومجيب ولا انكر انك ربما قلت شيئا مما قد يقوله المؤمن العادي في اجاباته ولا انكر ايضا انك احسنت التقول علي لسان الملحد الواعى لا انكر انك تغلغلت في فكر كلا منهما رافضا او لاكون دقيقا مقربا ومبسطا لطرح كلاً منهما كما تفضلت حضرتك واشرت لكن ما اود التنويه عليه انك جعلت من نفسك ورقة ثالثة في هذا المشهد حيث نقلت علي لسان كلامنهما مايريد قوله ثم شخصنت بعض الاحتمالات النابعة من شخصك او فكرك غير ناظرا بعين الاعتبار باقي الادلة او البراهين او المقدمات التي ربما يستدل بها المؤمن علي خالق للكون وقد كنت متحاملا علي عقلية المؤمن حاصرا لها في استنتجاتها مزاما للملحد ناقدا لبراهين المؤمن رغم انك بدئت الكلام عن الطرفين وكأنك ثالث مستقل تعرض وجهتي النظر لكن تحولت بعد ذلك الي حاصرا ناقدا لبعض الاستدلات والبراهين التي يعتمد عليها المؤمن في اثبات وجود خالقا للكون

    لذلك سأبدء معك متعمقا فيما كتبت سردا ونقدا فكرا وموضعا

    ============================================
    نحن نتفق أن الكون موجود وبالتالي لابد من وجود مسبب له لكن نحن لا نعرف أي شيء عن هذا المسبب ويوجد عدد لا منتهي من الاحتمالات التي قد تفسر وجود الكون. افتراض أن الله هو مسبب الكون هو افتراض غير مثبت مثله مثل بقية الافتراضات للتي سردتها في الأعلى. على فرض أننا قبلنا بآخر فرضية والتي تقول إنه إن كان هنالك تفسير لوجود الكون، فهذا التفسير هو الله فعلينا أن نقيم كيف وصلنا لهذه الفرضية
    =======================================================
    كان لابد لمقالك ان يأخذ اكثر بكثير من هذا الحجم حيث انك شحنته فلسفيا وحاولت كثيرا وضع بعض الروائح العلمية فيما يخص الكون رغم انك اردت نفي وجوده تعالي من خلال نقض فرضية معينة او نقد لاستدلال معين وهذا بالطبع قصور معرفي منه فلم يكن وجود الخالق محصور في تلك الفرضية او هذا الاستدلال ابدا بالنسبة للمؤمن المؤمن يعتقد ان الخالق هو الصانع البديع المنفرد بصنعته المؤمن يعتقد وجود الخالق بالخواص المتاحة الاربع بالسماع والمشاهدة(التجربة) والعقل والروح = اي اثبات وجوده علميا منطقيا وفلسفيا وايضا دينيا وعقليا هم ادوات الاطلاع والمعرفة ماسردته في استنتاجك قد يكون استنتاج صحيح لكنه ناقص بعض الشئ كنت اود ان اسرد لك كل الطرق التي يستدل بها المؤمن علي وجود الخالق لكن لم ارى ان مقالك يستحق قدرا كافيا من السرد حول كل طريق وكل استدلال واني لارى انك أخطائت خطائا ابستملوجيا كبيرا حينما اخترت نقد الادلة الاستدلالية بهذا القدر القاصر واللامعرفى وافي لتلك الاستدلالات

    و القاعدة التي اعتمدت عليها وهي قاعدة لكل سبب مسبب والتي نسميها نحن (قانون السببية ) هي قاعدة ثابته منطقية لامجال فيها للانحراف
    فقضية وجود الله منطقيا او فلسفيا او ان شئت سميها عقليا عليها من البراهين والاستدلالات مايغني عن التشكيل فيها

    عندما يقول المؤمن ان لكل سبب مسبب
    فهو يعني بالطبع ان للمسبب مسبب اخر الي مالانهاية لكنه وفقا لمعايير العقل السليم يعلم انه لابد من وجود مسبب اولى مستقل لايحتاج الي مسبب لان استناد العقل علي القياس المنطقى المكنون يقتضى ذلك وليس ذلك ناتج عن كسل معرفي كما اشرت لانه لابد من وجود قوة مختلفة خارجة عن دائرة القوة المعهودة والتي تنتهي بالدور والتسلسل والتي لو اتبعناها الي مالانهاية لما وصلنا لنتيجة حتمية لانك تدور في حلقة مفرغه اذا لابد ان يكون هناك علة اخرى خارجة عن تلك الدائرة وهذا بناء علي ما استنتجناه بالمنطق وهو عدم وجود الشئ من لاشئ
    ولذلك بناء علي ماوضعته من ادلة رفضك للخالق هي ايضا ادلة مقياسية تقتضى تطبيقها علي فكرة عدم ايجاد الكون من لاشئ او عدم ازلية الكون لانه طبقا للقواعد يستحيل ايجاد الشئ من لاشئ او استحالة ايجاد المادة من لاشئ او استحالة ازلية المادة وهذا قد تم دحضه نهائيا وكثيرا في كل المجالات المعرفية سواء علمية او فلسفية او تجريبية

    لكن الفرق انك قد بررت عدم وجوده بتبريرات قد تكون صبيانية بعض الشئ

    لم يكن اعتماد المؤمن علي ادلة وجود الخالق علي برهان واحد او استدلال واحد لكنه قد يكون فلسفيا يعتمد علي عدة براهين كبرهان الكمال وبرهان الغائية وبرهان التفاوت وبرهان العلة الفاعلة وغير ذلك
    قضية وجود الخالق قد تكون قضية بديهية اكثر من كونها قضية استدلالية استنتاجية فعلي مدار الخليقة بات واضحا ان المؤيدين لتلك القضية اكثر بكثير من المانعين المعارضين لها مما يدل ان البشرية تعي ذلك وتعرفه جيدا ولو فطريا وان رافضوه فقط رفض تمردي حيث لايتماشى مع بعض العقليات التي لاتريد ان تقتنع بفكرة القصور العقلي والنقص المعرفي لدى الانسان

    كان بودي اطرح طرح مستفيض استعرض فيه كل فقراتك لكني لم اجد في طيات كلماتك سوى تحامل علي المؤمن من المنظور الاسلامي رغم ان كل معتقد بوجود الاله هو شخص مؤمن بديانات مختلفة لكن ربما تعرضك للمنظور الاسلامي له اسبابه الخاص او ربما لانه اكثر عقلانية في طرحة حول وجود الخالق وصفاته
    اضف الي ذلك انك قد تعرضت في مقالك بنقد فكرة وجود الخالق لكنك لم تدعم اعتقادك بأدلة معنصرة تقبل الرد او التسليم بها لكنك فقط طرحت بعض الاسطر المسرودة بفكر درامي سنارستي ليس اكثر

    لا انكر طرحك الدرامي بالطبع لكني لم ارى في طرحك الفلسفي شيئا ملفت لنظر يستحق التعقيب بجدية

    تحيتي لك مع ابتسامتي