خواطر ومعلومات

رئيس الوزراء الكندي و الكمبيوتر الكمي

من فترة قصيرة تم نشر فيديو لرئيس الوزراء الكندي و هو يفسر كيف تعمل الحواسب الكمية و الجميع قام بنشر هذه اللقطة لإظهار مدى كفائة هذا الرجل في عمله. في الواقع و حسب فهمي للحوسبة الكمية فإن التوصيف الذي قدمه رئيس الوزراء كان توصيف خاطئ لكن لأنه استخدم عبارات علمية تستخدم في الفيزياء الكمية ظن الأغلبية أنه على صواب.
 
 
رئيس الوزارء الكندي فسر الحوسبة الكلاسيكية على أساس أنها مبنية على قاعدة (٠) و (١) و هي عبارة عن مجموعات من ال ٠ و ال ١ التي تحدد المعلومات التي يتم حسابها. تسمى هذه الرموز في عالم البرمجة binary code أو شفرة ثنائية.
 
هذا صحيح و لكن …
 
عن الحوسبة الكمية…
 
الحوسبة الكمية غير مرتبطة بشكل اساسي بظاهرة كون الجسيمات موجة و جسيم Particle / Wave duality (ازدواجية موجة-جسيم) كما ذكر رئيس الوزراء الكندي و إنما ظاهرة آخرى تسمى superposition.
 
الجسيمات الذرية لديها خاصية تسمى SPIN أو (لف مغزلي) و هي خاصية مرتبطة باتجاه حركة الجسيمات فإما تكون UP أو Down.
 
خاصية اللف المغزلي لدى الجسيمات تعتبر بحالة Superposition حيث تكون up و down في نفس الوقت إلى أن يتم رصد الجسيم لكن في حال لم يتم رصد الجسيم فهو بحالة مزدوجة up and down في أن واحد.
 
حالة superposition تعني أن الجسيم في موقعين أو حالتين في نفس الوقت و الفرق بين هذه الخاصية و خاصية Particle Wave dulity التي ذكرها رئيس الوزراء هي أن الsuperposition تعني أن الجسيمات موجودة في جميع الحالات الممكنة في نفس الوقت بينما الparticle wave dulity هي خاصية مرتبطة بنوع الرصد لذي يتم على الجسيم و بالتالي عندما يكون الفوتون جسيم فهو ممكن أن يعود و يصبح موجي بناء على ألية الرصد بينما خاصية الSuperposition المرتبطة بالدوران المغزلي للجسيمات تأخذ موقع ما عند رصدها و تبقى كذلك.
 
إذاً التراكب الكمي (superposition) هي وجود جميع الحالات الممكنة في نفس الوقت بغض النظر عن من يرصد الحالة. بينما ازدواجية موجة – جسيم (Particle – Wave duality) هي رصد خواص مشتركة بين الجسيم و الموجة بناء على ألية الرصد.
 
فإن كنا تبحث عن الفوتون ضمن خواص الجسيمات فسنجده يتماشى مع خواص الجسيمات و إن كنا نبحث عن نفس الفنوتون ضمن خواص الأمواج الكهرومغناطيسية فإننا سنجد خواصة تتماشى مع خواص الأمواج الكهرومغناطيسية.
 
يوجد أيضاً خاصية كمية آخرى يتم استثمارها في مشاريع الحواسب الكمية و هي الترابط الكمي. هذه الخاصية عبارة عن علاقة لامكانية بين الجسيمات فإن كانت هذه الجسيمات مترابطة كمياً فهذا يعني أن حالة الدوران المعزلي (SPIN) بين الجسيمات مترابطة مع بعضهما. في حال قمنا برصد أحد الجسيمات المترابطة فهذا يعني أننا نؤثر بحالة التراكب الكمي (superposition) لدى جميع الجسميات المترابطة الآخرى وبالتالي يمكننا معرفة حالة دورانها دون محدودية زمكانية. هذا يعني أننا نستطيع معرفة حالة مئات الجزيئات في حالى رصدنا جزيئ واحد.
 
الكمبيوتر الكمي عبارة عن فكرة تقوم على استغلال ظاهرة الsuperposition و الترابط الكمي . الspin حركة اللف المغزلي للجسيمات يتم استبدالها بال(٠) و (١) التي تستخدم في الحوسبة الكلاسيكية. فمثلاً نرمز للدوران الUp ب (١) و الدوران Down ب (٠) لكن الفرق هنا أن الترانزستور الكمي فيه قيمة (٠) و (١) في نفس الوقت مما يعني أنه قادر على تنفيذ عمليات حسابية معقدة بأضعاف السرعة الكلاسيكية.
 
إذا معرفة قيمة (٠) أو (١) لجسيم واحد مترابط كمياً قد ينتج عنها معرفة قيمة (٠) أو (١) لالاف الجسميات المترابطة كمياً و بالتالي نقوم بنقس العمليات الحسابية التي يقوم بها الحاسوب الكلاسيكي بأضعاف أضعاف السرعة المتاحة حالياً.
 
أتمنى أن يكون الشرح واضح لأني لم أصرف الوقت الكافي لصياغة الأفكار بالشكل المثالي لهكذا موضوع معقد.
 

مصطفى عابدين

مؤسس ومدير محتوى موقع علومي. باحث مهتم بالعلوم، أسعى من خلال هذا الموقع إلى المساهمة في إثراء المحتوى العلميّ العربيّ على الإنترنت بمقالات أصليّة مبسّطة، تزوّد القارئ غير المختصّ بالأساس العلميّ الذي يحتاجه لمتابعة آخر المستجدّات والأخبار العلميّة، بعيداً عن الترجمة التي في بعض الأحيان تُفقِد المحتوى العلميّ مضمونه.

أضف تعليق

انقر هنا لتضع تعليق

تعليق