الحياة عرض لمرة واحدة

نبتت زهرة الحياة في يد الطفلة أمل.

منذ ولادة أمل وهي ممسكة بالحياة تعتني بها وتحافظ عليها. هذه الزهرة ترمز لحياة أمل.

في يوم من الأيام سألت أمل والدتها:

يا أمي أصدقائي قالوا لي أن زهرة الحياة هذه ليست سوى مضيعة وقت وأن المكافئة الحقيقة هي بعد الموت.

قالوا لي أنني إن رميت زهرة الحياة أرضاً ونجحت بالامتحان الدنيوي هذا فإن السماء سترسل لي باقات وباقات من الأزهار.

قالوا لي أن رعايتنا لزهرة الحياة هذه ليس إلا امتحان. حال أن تذبل هذه الزهرة وتموت ستبدأ حياتنا الحقيقية حيث توجد بساتين من الأزهار الرائعة اللامتناهية. هذه البساتين ليست للجميع. هذه بساتين من ينجح في الامتحان فقط.

لا داعي للخوف من أن تذبل زهرة الحياة لا داعي أن أعطي هذه الحياة قيمة أكبر من قيمتها الحقيقية.

هل هذا صحيح يا أمي؟

لماذا يا أمي دائماً تحثيني على الاعتناء بزهرة الحياة طالما أن قدَرَنا أن نذهب إلى بساتين من الأزهار اللامتناهية؟

ابتسمت الأم وقالت:

يا أمل، يا صغيرتي سؤالك في محلة.

هذه الزهرة الجميلة التي تمسكين بها في يدك تفقد قيمتها لو أنها واحدة من أزهار لامتناهية.

لا قيمة لزهرة واحدة من بين أزهار لامتناهية.

في هذا الكون يا حبيبتي نحن لا نعرف عن أي مكان آخر سوى هذا الكوكب المضيف للحياة. قدسية الحياة بالنسبة للأحياء تأتي من كونها لا تحدث سوى مرة واحدة. قدسية الحياة يا حبيبتي تأتي من أننا لن نحظى بفرصة أخرى لنحضن بعضنا بها بعد هذه الحياة. هذا هو سبب حرصي على أن تعتني بزهرتك الجميلة وهذا سبب شغفي أن أمضي كل دقيقة معك ومع من أحب.

الغاية من هذه الحياة ليست محددة مسبقاً. نحن من يرسم خارطة حياتنا ونحن من يحدد كيف نستثمر هذه الفرصة النادرة جداً في هذا الكون. يا بُنَيتي فليكون هدفك ضمن هذا الوجود بأن تتركي أثر ما  مهما كان هذا الأثر متواضع. كل فعل تقومين به على هذا الكوكب هو فعل ذات قيمة عظيمة جداً  لندرة الأفعال ضمن هذا الكون الواسع.

قيمة الحياة تأتي من ندرتها وليس وفرتها.

أحبك يا صغيرتي كما أحبتني أمي كما أحبتها جدتك كما هي سلسة الحياة منذ مليارات السنين. بدأت هذه السلسة ولم تتوقف ونحن ننقل هذه الزهرة الجميلة بين الأجيال. حافظي عليها ولا تصدقي الخرافات. أنت أعظم مفرزات هذا الكون. أنت الكون يحاول إدراك نفسه.

الحياة: عرض لمرة واحدة استثمِريها بشكل جيد